الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> عمر ابن أبي ربيعة >> قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ، >>
قصائدعمر ابن أبي ربيعة
- قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ،
- عفى معالمها الأرواحُ والمطرُ
- بالعرصتينِ فمجرى السيلِ بينهما
- إلى القرينِ، إلى ما دونهُ البسر
- تَبْدُو لِعَيْنَيْكَ مِنْهَا كُلَّما نَظَرْتْ
- معاهدَ الحيِّ، دوداة ٌ، ومحتضر
- وركدٌ حولَ كابٍ قد عكفنَ به
- وَزَيْنَة ٌ ماثِلٌ مِنْهُ وَمُنْعَفِرُ
- منازلُ الحيِّ أقوتْ بعد ساكنها،
- أمستْ ترودُ بها الغزلانُ والبقر
- تَبَدَّلوا بَعْدَهَا داراً وَغَيَّرَها
- صَرْفُ الزَّمَانِ وَفي تَكْرَارِهِ غِيَرُ
- وَقَفْتُ فيها طَويلاً كَيْ أُسَائِلَها
- والدارُ ليس لها علمٌ، ولاحبر
- دارُ التي قادني حينٌ لرؤيتها،
- وَقَدْ يَقُودُ إلى الحَيْنِ الفَتَى القَدَرُ
- خودٌ تضيءُ ظلاَ البيتِ صورتها،
- كما يضيءُ ظلامَ الحندسِ القمر
- مَجْدُولَة ُ الخَلْقِ لَمْ تُوضَعْ مَنَاكِبُها
- ملءُ العناقِ ألوفٌ جيبها عطر
- ممكورة ُ الساقِ، مقصومٌ خلاخلها،
- فمشبعٌ نشبٌ، منها، ومنكسر
- هَيْفاءُ لَفّاءُ مَصْقولٌ عَوَارِضُها
- تكادُ، من ثقلِ الأردافِ، تنبتر
- تفترُّ عن واضحِ الانيابِ، متسقٍ،
- عذبِ المقبلِ، مصقولٍ له أشر
- كالمسكِ شيبَ بذوبِ النحلِ يخلطه
- ثَلْجٌ بِصهْبَاءَ مِمّا عَتَّقَتْ جَدَرُ
- تِلْكَ الَّتي سَلَبَتْني العَقْلَ وکمْتَنَعَتْ
- والغانياتُ، وإن واصلتنا، غدر
- قَدْ كُنْتُ في مَعْزِلٍ عَنْهَا فَقَيَّضَني
- للحينِ، حينَ دعاني للشقا النظر
- إني، ومنْ أعملَ الحجاجُ خيفته
- خوصَ المطايا وما حجوا وما اعتمروا
- لا أَصْرِفُ الدَّهْرَ وُدّي عَنْكِ أَمْنَحُهُ
- أخرى أواصلها، ما أورقَ الشجر!
- أَنْتِ کلمُنَى وَحَديثُ النَّفْسِ خَالِيَة ً
- وَفي الجَمِيعِ وأَنْتِ السَّمْعُ وکلبَصَرُ
- يا ليتَ من لامنا في الحبِّ مرُ به،
- مما نلاقي، وإنْ لم نحصهِ، العشر
- حتى يذوقَ كما ذقنا، فيمنعهُ،
- مِمّا يَلَذُّ حَدِيثُ النَّفْسِ والسَّهَرُ
- دَسَّتْ إلَيَّ رَسُولاً لا تَكُنْ فَرِقاً
- وکحْذَرْ وُقَيْتَ وأَمْرُ الحَازِمِ الحَذَرُ
- إنِّي سَمِعْتُ رِجالاً مِنْ ذَوِي رَحِمِي
- هُمُ العَدُوُّ بِظَهْرِ الغَيْبِ قَدْ نَذَروا
- أن يقتلوكَ، وقاكَ القتلَ قادرهُ،
- واللهُ جاركَ مما أجمعَ النفر
- السرُّ يكتمهُ الإثنانِ بينهما،
- وَكُلُّ سِرٍّ عَدَا الإثْنَيْنِ مُنْتَشِرُ
- والمرءُ، إن هو لم يرقبْ بصبوتهِ
- لَمْحَ العُيُونِ بِسُوءِ الظَّنِّ يَشْتَهِرُ
المزيد...
العصور الأدبيه