الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> حسان بن ثابت >> إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ >>
قصائدحسان بن ثابت
إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ
حسان بن ثابت
- إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ
- أسرتْ إليكَ، ولم تكنْ تسري
- فوقفتُ بالبيداءِ أسألها:
- أنى اهتديتِ لمنزلِ السفرِ
- والعيسُ قدْ رفضتْ أزمتها،
- مما يرونَ بها منَ الفترِ
- وَعَلَتْ مَسَاوِئُهَا مَحاسِنَها،
- مِمّا أضَرّ بِها مِنَ الضُّمْرِ
- كنا إذا ركدَ النهارَ لنا،
- نَغْتَالُهُ بِنَجَائِبٍ صُعْرِ
- عوجٍ، نواجٍ، يعتلينَ بنا،
- يُعْفِينَ دونَ النَّصّ، والزَّجْرِ
- مستقبلاتٍ كلَّ هاجرة ٍ،
- يَنْفَحْنَ في حَلَقٍ مِنَ الصُّفْرِ
- ومناخها في كلّ منزلة ٍ،
- كمبيتِ جونيّ القطا الكدرِ
- وسما على عودٍ، فعارضنا
- حِرْبَاؤها، أوْ هَمَّ بِالخَطْرِ
- وَتَكَلُّفي اليَوْمَ الطّويلَ وقَدْ
- صرتْ جنادبهُ منَ الظهرِ
- والليلة َ الظلماءَ أدلجها
- بالقَوْمِ في الدّيْمومَة ِ القَفْرِ
- يَنْعى الصَّدَى فيها أخاهُ كما
- يَنْعَى المُفجَّعُ صَاحِبَ القَبْرِ
- وتحولُ دونَ لكفّ ظلمتها،
- حتى تشقّ على الذي يسري
- وَلَقَدْ أرَيْتُ الرَّكبَ أهْلَهُمُ،
- وَهَدَيْتُهُمْ بمَهَامِهٍ غُبْرِ
- وَبَذلْتُ ذا رَحْلي، وكنتُ بِهِ
- سَمْحاً لَهُمْ في العُسْرِ واليُسْرِ
- فإذا الحوادثُ ما تضعضعني،
- وَلا يَضِيقُ بِحاجَتي صَدْري
- يُعْيي سِقَاطي مَنْ يُوَازِنُني،
- إنّي لَعَمْرُكَ لَسْتُ بالهَذْرِ
- إنّي أُكارِمُ مَنْ يُكَارِمُني،
- وَعلى المُكاشِحِ ينْتحي ظُفرِي
- لا أسْرِقُ الشُّعَرَاءَ ما نَطَقُوا،
- بَلْ لا يُوَافِقُ شِعْرَهُمْ شِعْري
- إنّي أبَى لي ذَلِكُمْ حَسَبي،
- ومقالة ٌ كمقاطعِ الصخرِ
- وأخي منَ الجنّ البصيرُ، إذا
- حاكَ الكَلامَ بأحْسَنِ الحِبْرِ
- أنَضِيرَ مَا بَيْني وبَيْنَكُمُ
- صرمٌ، وما أحدثتُ منْ هجرِ
- جودي فإنّ الجودَ مكرمة ٌ،
- واجزي الحسامَ ببعضِ ما يفري
- وحَلَفْتُ لا أنْسَاكُمُ أبَداً،
- ما ردّ طرفّ العينِ ذو شفرِ
- وحَلَفْتُ لا أنْسَى حديثَكِ ما
- ذَكَرَ الغَوِيُّ لَذَاذَة الخَمْرِ
- ولأنتِ أحسنُ، إذْ برزتِ لنا،
- يَوْمَ الخُرُوجِ بساحَة ِ القَصْرِ
- منْ درة ٍ أغلى الملوكُ بها،
- مِمّا تَرَبّبَ حَائِرُ البَحْرِ
- ممكورة ُ الساقينِ، شبههما
- بَرْدِيّتَا مُتَحَيِّرٍ غَمْرِ
- تَنْمي كما تَنْمي أرُومَتُها،
- بمحلّ أهلِ المجدِ والفخرِ
- يعتادني شوقٌ، فأذكرها،
- مِنْ غَيْرِ ما نَسَبٍ وَلا صِهْرِ
- كتذكرِ الصادي، وليسَ لهُ
- مَاءٌ بِقُنّة ِ شاهقٍ وَعْرِ
- وَلَقَدْ تُجالِسُني، فَيَمْنَعُني
- ضيقُ الذراعِ، وعلة ُ الخفرِ
- لوْ كنتِ لا تهوينَ لم تردي،
- أو كُنْتِ، مَا تَلْوِينَ في وَكْرِ
- لأتَيْتُهُ، لا بُدّ، طالِبَهُ،
- فاقنيْ حياءكِ، واقبلي عذري
- قلْ للنضيرة ِ إنْ عرضتَ لها:
- لَيْسَ الجَوادُ بِصَاحِبِ النَّزْرِ
- قَوْمي بَنُو النّجّارِ رِفْدُهُمُ
- حسنٌ، وهمْ لي حاضرو النصرِ
- الموتُ دوني لستُ مهتضماً،
- وذوو المكارمِ منْ بني عمرو
- جُرْثُومَة ٌ، عِزٌّ مَعَاقِلُها،
- كانتْ لنا في سالفِ الدهرِ
المزيد...
العصور الأدبيه