الأدب العربى >> الشعر >> العصر الاسلامي >> الأخطل >> ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي >>
قصائدالأخطل
ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي
الأخطل
- ألا طرقتْ أروى الرحالَ وصحبتي
- بأرضٍ يناصي الحزنَ منها سهولها
- وقد غابتِ الشعرى العبورُ وقاربتْ
- لتَنْزِلَ، والشّعرى بطيءٌ نُزولُها
- ألمّتْ بشُعْثٍ راكبينَ رؤوسَهُمْ
- وأكوارِ عيسٍ قدْ براها رحيلُها
- تبين خليلي ناصحَ الطرفِ، هل ترى
- بعَيْنِكَ ظُعْناً، قدْ أُقلَّتْ حُمولُها
- تحمَّلْن مِن صَحراء فَلْجٍ، ولم يكَدْ
- بصيرٌ بها من ساعة ٍ يستحيلُها
- تمايَلْنَ للأهْواء، حتى كأنّما
- يجورُ بها في السيرِ عمداً دليلُها
- نواعِمِ، لمْ يَلقَينَ في العَيْشِ تَرْحة ً
- ولا عَثْرَة ً مِنْ جَدّ سوء يُزيلُها
- ولو بات يسري الذرُّ فوقَ جلودِها
- لأثَّرَ في أبْشارِهنَّ مُحيلُها
- فلمّا استوى نصْفُ النّهار وأظْهرِتْ
- وقَدْ حانَ مِنْ عُفْرِ الظّباء مَقيلُها
- حثَثْنَ المطايا، فاصْمعَدَّتْ لشأنها
- ومَدَّ أزِمّاتِ الجِمالِ ذَميلُها
- فلما تلاحقْنا، نبذنا تحية ً
- إليهِنَّ، والتَذَّ الحديثَ أصِيلُها
- فكان لدَيْنا السَرَّ بَيْني وبَيْنَها
- ولمعَ غَضيضاتِ العُيونِ رسولُها
- فما خلتها إلا دوالحَ أوقرَتْ
- وكمتْ بحملٍ نخلُها وفسيلُها
- تسلسل فيها جدولٌ من محلمٍ
- إذا زعزتها الريحُ كادتْ تميلها
- يكادُ يحارُ المُجْتَني وَسْطَ أيْكِها
- إذا ما تنادى بالعشي هديلُها
- رَأيْتُ قُرومَ ابني نِزارٍ، كلَيهما
- إذا خطرتْ عندَ الإمام فُحولها
- يَرَوْنَ لهمّامٍ عَلَيْهِمْ فَضيلة ً
- إذا ما قرومُ الناس عدتْ فضولها
- وأكملها عقلاً لدى كل موطنٍ
- إذا وزنتْ، فيما يشكُّ، عقولها
- فتى النّاسِ همّامٌ، وموْضِعُ بَيْتِهِ
- برَابِيَة ٍ، يعْلو الرَّوابيَ طُولها
- فلوْ كانَ همامٌ من الجنّ، أصبحتْ
- سجوداً لهُ جنُّ البلادِ وغولها
- نَمَتْهُ الذُّرى مِنْ مالكٍ، وتعَطّفَتْ
- عليهِ الروابي: فرعها وأصولها
- أجادَتْ بهِ ساداتُها، فترَغّبَتْ
- لأخلاقهِ: أمجادها وحفيلُها
- تذرى جبالاً منهمُ مكفهرة ً
- يكادُ يعسُدَّ الأفْقَ مِنْها حُلولها
- لأخْذِ نَصيبٍ، أوْ لأمْرٍ يَعُولها
- إذا ضُيّعَتْ عُونُ النساء وحُولها
- تعدّ لأيامِ الحفاظِ كأنّها
- قناً، لم يقومْ درأها مستحيلها
- فما تبلتْ تبلاً، فيدركَ عندها
- ولا سقبتها في سواها تُبولها
- سَبوقٌ لغاياتِ الحفاظِ، إذا جرى
- ووهابُ أعناقِ المئينَ حمولها
- ودَفّاعُ ضَيْمٍ، لا يُسامُ دَنِيّة ً
- وقَطّاعُ أقْرانِ الأمورِ، وَصُولها
- وأخّاذُ أقْصى الحقّ، لا مُتَهضَّمٌ
- أخوهُ، ولا هشُّ القناة ِ، رذيلها
- أغرُّ أريبٌ ليس ينقضُ عهدهُ
- جوادٌ، إذا ما أمحلَ الناسُ ممرعٌ
- كريمٌ لجوعاتِ النساء قتولها
- إذا نائِباتُ الدَّهْرِ شقّتْ عَلَيْهِمِ
- كفاهُمْ أذاها، فاستخفّ ثقيلُها
- عروفٌ لإضعافِ المرازي مالُهُ
- إذا عَجَّ مَنْحوتُ الصَّفاة ِ، بخيلُها
- وكرارُ خلفَ المرهقينَ جوادَهُ
- حِفاظاً، إذا لمْ يَحْمِ أُنْثى حَليلُها
- ثَنى مُهْرَهُ، والخيْلُ رَهُوٌ كأنّها
- قِداحٌ على كفّيْ مُفيضٍ يُجيلُها
- يُهينُ وراء الحيّ نَفْساً كريمة ً
- لكبة موتٍ ليسَ يودى قتلها
- ويعلمُ أنَّ المرءَ ليسَ بخالدٍ
- وأنَّ مَنايا النّاسِ يَسْعى دليلُها
- فإن عاش همامٌ لنا، فهوَ رحمة ٌ
- مِنَ اللَّهِ، لمْ تُنْفَسْ عَلَينا فُضولها
- وإنْ مات، لمْ تَسْتَبدل الأرْضُ مثلَهُ
- لأخذ نصيبٍن أو لأمرٍ يعولها
- وما بتُّ إلاّ واثِقاً إنْ مَدَحْتُهُ
- بدَوْلَة ِ خيرٍ مِنْ نَداهُ يُديلُها
المزيد...
العصور الأدبيه