الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- هاجتك إذ جئت اللوى فزرودا
- ذكراك أوطانا بها وعهودا
- عاثت بهن يد الزمان فلم تجد
- أعلامهن عن العفاء محيدا
- إلا مواقد كالحمام جواتما
- وترى بأظلاف الظباء كديدا
- دمن غذيت بهن أخلاف الهوى
- ولبست ريعان الشباب جديدا
- وركضت طرف اللهوي في شأو الصبا
- مرحا فجرت مدى النعيم بعيدا
- مالي وتذكار الصبابة والصبا
- ومواثقا عند الهوى وعهودا
- وصباح شيب الفود لاح بمفرقي
- فغدوت من فقد الصبا مفؤودا
- أنا إلى الرحمن منها أنفسا
- بذين من ظلم الجسود لحودا
- نسيت عوالمها الكرام فنورها
- تستامه أيدي الهوى تبديدا
- واستوترت شبحا خلاء لم يزل
- لخفي معناها الأثير ضديدا
- ترد الأجاج مرنقا ولطالما
- وردت بأكناف العذيب برودا
- هلا استظلت دوحة القدس التي
- كرعت قبيل الكون فيه ...
- وتذكرت عهدا بمنعرج اللوى
- لا يستحيل وموثقا مشهودا
- ورقت معاريج العلا لتجوز في
- سمط الجلال نظامها المعهودا
- ذنبي عداني عن لحاق ذوي الهوى
- فغدوت عن درك الرشاد طريدا
- يا مصطفى الرحمن والنور الذي
- أخفى الضلال وأظهر التوحيدا
- المنتقى من سر هاشم في الذرا
- حيث استقر مدى الفخار صعودا
- جيران بيت الله والعرب الألى
- أضحوا على قنن النجوم قعودا
- تخذوا السيوف تمائما لوليدهم
- والحرب ظئرا والسروج مهودا
- وحوى الكبير فخاره عن كابر
- وتوارث الأبناء فيه جدودا
- أعلقت كفي منك حبل محبتي
- لا واهنا خلقا ولا مجدودا
- وجعلت مدحك للإله وسيلتي
- فشربت في دار النعيم خلودا
- فإذا بدت هوج الخطوب عواصفا
- وافيت ركنا من حماك شديدا
- وإذا عدت أيدي الذنوب عواسفا
- لتعيث كنت الملجأ المقصودا
- الخلق يوم العرض جاهك تعتفي
- تأتي على قدم الصغار رقودا
- متأملين إلى الحساب ذواهلا
- متهيبين الموقف الموعودا
- راجين فيه لديك فضل شفاعة
- ومؤملين مقامك المحمودا
- لله در ركائب قطعت إلى
- مغنى ثراك تهائما ونجودا
- قوم أهاب بعزمهم داعي الهوى
- فاستشعروا التقوى وجابوا البيدا
- فإذا ظلام الليل مد جناحه
- كحلوا عيونهم تسهيدا
- وإذا النهار جلى الظلام وأتلعت
- من ميسمها الغزالة جيدا
- لبسوا الهجير وصافحوا غبر الفلا
- وصلوا لصارمها بهن وقودا
- وأتوا خضم الماء يزخر مزجه
- فشروا بإعدام الحياة وجودا
- عوجا تلح لها الرياض أعنة
- والساج جسما والهناء جلودا
- تفري أديم الماء وهي نواصع
- منه وتترك خده أخدودا
- أموا ضريحا طاب نشرا عرفه
- وزكا بنور المعجزات صعيدا
- جعلوا الكلام به دعاء خافتا
- واستبدلوا فيه النعال خدودا
- شحب الجسوم تخالهم إذا أجهشوا
- بانا بأخلاف الدموع مجودا
- أقسمت بالنور الذي سبحانه
- أضحى لها الطور المنيف مديدا
- لمحمد خير البرية كلها
- ذاتا وأوسعهم سنات جودا
- أعزز بمولده الكريم وخصه
- من ذكرك التقديس والتمجيدا
- يا ليلة تخذ الملائك يومها
- والمرسلون إلى القيامة عيدا
- أضحت لها أصنام مكة سجدا
- ذللا على صفح الرغام همودا
- وتقاول الكهان أن رئيها
- أضحى لديك مقرنا مصفودا
- وبيوت فارس أرمدت نيرانها
- واعتض من لفح الضرام خمودا
- وأتت على إيوان كسرى رجة
- هدت قواعده وكان مشيدا
- صلى عليك الله ما هبت الصبا
- وهنا فهزت مائسا أملودا
- وبكت حمام البان بين هديلها
- شجوا يهيج ورجعت تغريدا
المزيد...
العصور الأدبيه