الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> جهادُ هوًى لكن بغير ثواب >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- جهادُ هوًى لكن بغير ثواب
- وشكوى جوًى لكن بغيرِ جواب
- وعمر تولَّى في لعل وفي عسى
- ودهر تقضَّى في نوًى وعِتاب
- أما آن للمنبتِّ في سبلِ الهوى
- بأن يهتدي يوماً سبيل صواب
- تأمَّلتها خلفي مراحل جُبْتُها
- يناهِزُ فيها الأُربعين حِسابي
- جرى بي طِرْفُ اللهو حتى شكا الوجا
- وأقفر من زادِ النّشاطِ جرابي
- وما حصلَتْ نفسي عليها بطائِلٍ
- ولا ظفِرتْ كفي ببعض طِلاب
- نصيبي منها حسرة ٌ كونُها مضت
- بغير زكاة ٍ وهي مثلُ نِصاب
- وما راعني والدَّهرُ ربُّ وقائعٍ
- سجال على أبنائِهِ وغِلابِ
- سوى شعراتٍ لُحْنَ من فوق مفرقي
- قَذَفن لشيطان الصِّبا بِشهاب
- أبحن ذِماري وانتهبْنَ شَبيبتي
- أهُنُّ نصولٌ أم نُصولُ خِضابي
- وقد كنت بهْوِي الروض طيبَ شمائلي
- ويمرَحُ غصنُ البان طيِّ ثِيابي
- فمنْذُ كتب الوخطُ الملمُ بعارضي
- حُروفاً أتى فيها بمحضِ عِتاب
- نسختُ بما قد خطَّه سُنَّة الهوى
- وكم سنَّة ٍ منسوخة ٍ بكتابِ
- سلامٌ على تلك المعاهدِ إنها
- مرابِعُ أُلا في وعهد صِحابي
- ويا آسة العهدِ انعمي فلطالما
- سكبتُ على مثواكِ ماءَ شَبابي
- كأنِّي بذات الضَّالِ يعجب من فتًى
- تذكَّر فيها اللَّهو بعد ذَهابِ
- تقول أذكري بعدما بان جيرَتي
- وصوَّحَ روضي واقشعرَّ جَنابي
- وأصبحْتُ من بعد الأوانِسِ كالدُّمى
- يَهولُ حُداة ُ العيس جَوْبَ يَباب
- تغارُ الرِّياح السافيات بطارفي
- فما إن تُريمُ الرَّكضَ حولَ هضاب
- فإن سجعَ الرُّكبان فيَّ بمدحة
- حثتت في وجوهِ المادِحين تُرابي
- ألم تعلموا أن الوفاءَ سجيَّتي
- إذا شحطَتْ داري وشطَّ رِكابي
- سقاكِ كدمعي أو كجودِكِ وابلٌ
- يقلِّد نحر الحوضِ درَّ حباب
- ولا برحتْ تهفو لمعهدكَ الصَّبا
- ويسحبُ فيه المزنُ فضل سَحابِ
- سِواي يروعُ الدّهرَ أو يستفزُّهُ
- بيوم فراقٍ أو بيوم إيابِ
- وغيري يثني الحِرصُ ثني عنانِهِ
- إلى نيل رفْدٍ والتماسِ ثوابِ
- تملأتُ بالدنيا الدَّنية ِ خِبرة ً
- فأعظم ما بالناس أيسر ما بي
- وأيقنْتَ أن الله يمنعُ جاهداً
- ويرزُقُ أقواماً بغير حسابِ
- فيا ذلَّ أذن همُّها إذن حاجب
- ويا هونَ وجهٍ خلف سدة ِ بابِ
- وقد كان همِّي أن تُعاني مطيَّتي
- ببعض نباتِ النِّيل خوض عُباب
- وأُضحي ومحراب الدُّمى متهجدي
- وأمسي وماءُ الرافدين شَرابي
- وتضحكُ من بغدادَ بيض قبابها
- إذا ما تراءت بالسَّواد قِبابي
- ولكن قضاءُ يغلبُ العزمَ حُكمهُ
- ويضربُ من دون الحجابِ حجاب
- يقولون لي حتى تندُبُ فائتا
- فقُلتُ وحُسن العهدِ ليس بعاب
- إذا أنا لم آسفْ على زمن مضى
- وعهدٍ تقضَّى في صِباً وتصاب
- فلا نظمَتْ درَّ القريضِ قريحتي
- ولا كانت الآدابُ أكبرَ دابي
المزيد...
العصور الأدبيه