الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> جنابك محفوظ وسعدك سافر >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- جنابك محفوظ وسعدك سافر
- وحزبك ظافر
- وفعلك للصنع الجميل محالف
- ورأيك للنجح المبين مؤازر
- وصرح علاك في سراوة يعرب
- تبيد الليالي دونه وهو عامر
- يطل على أوج السماك عماده
- ولا طنب إلا العلى والمفاخر
- وألبست سيمى المجد في المهد ناشئا
- وسدت وما شدت عليك المآزر
- وقد تعلم الغايات من بدآتها
- وتظهر في أولى الأمور الأواخر
- وعالج داء الدهر منك مجرب
- طبيب بأدواء السياسة ماهر
- فأنت لحبل الملك لا شك واصل
- وأنت لصدع الدين لا شك جابر
- تروم الأبيات الصعاب فتنثني
- ليان الهوادي وهي شمس نوافر
- وتقبس من نور الإلاه هداية
- فتبصر بدءا ما له الأمر صائر
- وكم فتكة في الروم بكر جلوتها
- منصاتها للمسلمين المنابر
- تهادى وألفاف البنود خدورها
- وتقدمها عند الزفاف البشائر
- ولما استجارتك الجزيرة والردى
- محيط وغصت بالقلوب الحناجر
- وحجبتها بالسيف عن كل ظالم
- ....
- وكيف له بالقرب منها وإنها
- لتأوي إلى إيمانها وهو كافر
- وقد كثرت في الروم من فتكاتها
- عداد اليتامى والأيامى الحرائر
- وطالت لها الرنات في أرض رومة
- كما زحفت عند الغناء المزامر
- ولله منها في الوجود جزيرة
- شكتها بمنبت الشمال الجزائر
- وليس عجيبا أن تغص عقيلة
- بأخرى وتشكو بالضرار الضرائر
- وصابرت شطر الحول إلا أقله
- تراوح أحزاب العدا وتباكر
- فعز مرام الروم في كل حيلة
- وأصبح في الحصر العدو المحاصر
- قصرت عليها النفس غير معرج
- على ذكر من ضمت عليه المقاصر
- وخاطرت بالنفس النفيسة دونها
- وهل فاز بالأخطار إلا المخاطر
- وما كان يدري قيمة الدر ربه
- لو التزمت أصدافهن الجواهر
- عبرتهما بحرين بحرا من العدا
- وبحرا من اللج الذي هو زاخر
- ولما تبدت للمحاق حجبتها
- تصادم فيهن الجوى وتصادر
- تلوح إياة البدر والليل حالك
- فتبصرنا نسعى له ونبادر
- وهيهات أين البدر منك إذا بدا
- وكيف يجوز اللبس والفرق ظاهر
- ولكنها منا تعله وارد
- بحار الأماني أعوزته المصادر
- فيا ليلة الاثنين كم لك من يد
- لموقعها الإسلام والله شاكر
- قدمت كما وافى على الكبرة الصبا
- وجادت على المحل السحاب المواطر
- وإلا كما لذ الأمان لخائف
- وواصل من بعد القطيعة هاجر
- وأطلع منك الفلك شمسا منيرة
- لها فلك بالعلم والحلم دائر
- ورامت بك الأعداء كل بعيدة
- من المكر لم تخطر عليها الخواطر
- وفيت وخانوا والوفاء غريزة
- وما يستوي في الدهر واف وغادر
- وما هذه الأبصار تعمى حقيقة
- ولكنها تعمى النهى والبصائر
- ومن للعدا أن يبلغوا فيك ما
- لقد لبس الأذفنش منها ملاءة
- من اللؤم تأباها الملوك الأكابر
- وأسرع ينضو ثوبها متنصلا
- وربك يدري ما تكن الضمائر
- فقابلت بالصفح الجميل اعتذاره
- وإن عظمت منه إليك الجرائر
- فإنك أولى من يقود إلى الرضا
- وأحلم من تلقى إليه المعاذر
- ألا فاشكروا يا أهل أندلس يدا
- ليوسف لا يحصي لها الفخر حاصر
- ألا فالثموا منه الدروع فإنها
- وسائل للغفران هذي المغافر
- ألا فاشكروا تلك الكتائب واجعلوا
- محاريب ما تبديه منها الحوافر
- هنيئا أمير المسلمين بأوبة
- أهل بها لله باد وحاضر
- يلذ على الأفواه ترداد ذكرها
- كما شار مقطوفا من الشهد شائر
- ودونكها حسناء أما جمالها
- فبدع وأما الطرف منها فساحر
- تبين المعالني في سواد مدادها
- كما سترت زهر الوجوه الغدائر
المزيد...
العصور الأدبيه