الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
- وأنجزت وعد الحق وهو مسوف
- وأنشئت في أفق العلا سحب الندى
- وسقيت روض المجد فهو مفوف
- وجمعت أسباط المكارم والعلا
- وناديت لا تثريب إذ أنت يوسف
- وقر سرير الملك لما حللته
- ولو لم تشد أرجاؤه كاد يرجف
- دعتك قلوب الناس إذ عم جدبها
- ولح الأسى فيها وجل التأسف
- فأطللت غيثا في سماء عجاجة
- ترى دلوها شهب الأسنة تقذف
- تهب رياح النصر في جنباتها
- رخاء ورعد الطبل خلفك يقصف
- فما كنت إلا رحمة الله أرسلت
- فأينع معتر وأخصب معجف
- فقر بك الإسلام عينا ولم يزل
- يعدك للجلى ويسعى فتسعف
- فلله من يوم أغر محجل
- لحزب الهدى قدما إليه تشوف
- أرى الدين دين الله ما كان يرتجي
- ودافع عن أهليه ما يتخوف
- فيا حضرة للعدل أصبحت روضة
- بأنوارها روض الهداية يتحف
- ويا كعبة الملك التي بركاتها
- تفيض على زوارها وتوكف
- ليهنيك منصور اللواء مؤيد
- بحار الندى من جود كفيه تغرف
- همام إذا ما عاين القرن سيفه
- فموعده الحشر الذي ليس يخلف
- وأقسم لو رام الثريا لنالها
- بعزم اقتدار ما لها عنه مصرف
- وصول إلى الغايات يرجى ويتقى
- كريم السجايا لم يشبه التكلف
- يؤلف بالحسنى قلوبا تفرقت
- يفرق بالإحسان ما لا يؤلف
- أمولاي إني عبد نعمتك الذي
- عليك ثنائي ما حييت موقف
- وما الشعر إلا بعض نعماك إنه
- وإن راق من أزهار مجدك يقطف
- تكفلت بالإحسان بدءا وعودة
- فخير تسنيه وشعر تشرف
- بلغت بإمداحي لملكك رتبة
- تطل على أوج السماك وتشرف
- وأحرزت في شأو امتداحك غاية
- تقرر مداح الملوك فتنصف
- أجرر ذيلي عند ذكر جريرها
- بيانا فلا أهفو ولا أتوقف
- وأنتعل الجوزاء عجبا وإن غدت
- تقرط آذان بها وتشنف
- وماذا عسى بثني فصيح وشاعر
- وماذا عسى يحصي كلام مزخرف
- وأنت أبا الحجاج حجة ديننا
- بك الله يجلو الشك والسوء يصرف
- وأنت ابن أنصار الهدى وحماته
- هنيئا لهم هذا الثناء المخلف
- نحوا نحو باب للعلا فعلا بهم
- على السنن المرضي والعدل يعطف
- شعارهم علم وحلم ونائل
- وحرب ومحراب وسيف ومصحف
- فكم أطلعوا في الحرب من نجر صارم
- يعفر آناف الطغاة ويرعف
- وكم عائل أغنوا وكم خائف حموا
- وكم معدم أثروه جودا وأترفوا
- بعثت إلى أرض العدا بكتيبة
- تكاد بها شمس الظهيرة تكسف
- قبائل أدواها السرى فتنكرت
- ولكنها عند الكريهة تعرف
- تقود إليهم كل أجرد سابح
- تهد به شم الهضاب وتنسف
- تكبر عن لبس الحديد إلى الوغى
- فقام مقام الدرع برد ومطرف
- تنكب عنها البيض وهي بواتر
- ويقصر عنها السمهري المشقف
- وما كل زند يحمل الكف ساعدا
- ولا كل مصقول السفاسق مرهف
- فجاست أقاصي أرضهم وتعسفت
- غنائمهم لله ذاك التعسف
- فأبصر ملك الروم منك مؤيدا
- إذا هم لأوان ولا متخلف
- فسالم إشفاقا وكف تخوفا
- وعف فما أنجاه ذاك التعفف
- ووجه يستجدي علاك رسوله
- وكاتب يستدني رضاك ويلطف
- وأقبل لا يدري إلى النجم يرتقي
- أم إلى البحر يبغي أم إلى البيت يدلف
- يؤمل تقبيل البساط ومن له
- به وبروق الهند عينيه تخطف
- وقد جنحوا للسلم فاجنح تفضلا
- فما منهم عين من الرعب تطرف
- فلا برحت أيامك الغر تقتفي
- بك الفتح والآمال لا تتوقف
- ولا زالت الأملاك تأتيك خضعا
- ولا زلت بالإحسان والعفو تكلف
- وينشد من يأتي لبابك وافدا
- تلافيت نصر الدين إذ كاد يتلف
المزيد...
العصور الأدبيه