الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا
- وتأرَّج الأفاقُ منها طيبا
- هذا طلوعُ فتوحِكَ الغرِّ التي
- ما كانَ طالعُ سعدِها لِيغيبا
- أظهرْتَ دينَ الله في ثُغْر العِدا
- وقَهَرْت تمثالاً به وصليبا
- وذعرْتَ بالجيش اللُّهام بلادَها
- ملء الفضا ملأَ القلوبَ وجيبا
- جيشٌ يرى تعبَ المفاوِزِ راحة ً
- والسَّهلَ صعباً والبعيدَ قَريبا
- شَرِقت ثغورُ الدين منهُ بغُصَّة ٍ
- ولقينَ منه حوادثاً وخُطوبا
- ومتى سَرْت للمُسْلمينَ سرية ٌ
- أبدى لها التَّحذيرَ والتَّأليبا
- حتى إذا استشْرى وأعضَلَ داؤُه
- شَكَتِ الثغورُ به فكُنْت طَبيبا
- وإذا أرادَ الله بُرء زمانة ٍ
- لم تعْدُ ميقاتاً لها مكْتوبا
- لله يومُ الفتحِ منه فإنَّه
- يومٌ على الكفار كان عَصيبا
- فتحٌ تفتَّحت المنى عن زهرِهِ
- وافترَّ ثغر الدَّهر عنه شنيباً
- حفَّت به راياتُك الحُمرُ التي
- قادتْ إليه قبائلاً وشعوبا
- وتعلَّقت بهم الرجالِ بصورِهِ
- فتخالُ في شُرفاتهِ يَعسوبا
- وحفَتْ به عوجُ القسيِّ ضلوعَها
- تغتالُ فيه جوانِحاً وقُلوبا
- فكأنَّما قُزحٌ حنتْ أقواسَهُ
- أيدي الغمامِ وأمطرَت شُؤبوبا
- ورَأى المنيَّة ربُّهُ وهفا إلى
- طلبِ الأمانِ فقيلَ لا تثريبا
- وإذا أمرؤٌ ألقى إليك قيادَهُ
- ورجاكَ أدركَ حِلمَك الموهوبا
- من بعْدِ ما قعَدَتْ به أنصارُهُ
- رهباً وأبصرَ وعدهُمْ مكذوبا
- وتبلْبَلَت بالليلِ ألسُنُ نارِهِ
- تصِلُ الصُّراخ فما لقينَ مجيبا
- ولو أنهم جاشوا إليكَ وجمَّعوا
- أقصى تُخومهمُ صباً وجَنوبا
- غادوْتهُم صرعى على عفرِ الثرى
- وملأتَ أرضهُمُ بُكاً ونَحيبا
- وتركْتَ كلَّ مثقفٍ متقصِّدا
- فيهم وكل مهندٍ مخضوبا
- بعصابَة ٍ يمنيَّة مهما انتمتْ
- في العُرب كان لها الحُسامُ نَسيبا
- ألبسْتَ ملكَ الرومِ عارا باقياً
- وكسوتَ غمَّا وجههُ وقُطوبا
- فاستقبِلِ الملكَ المؤيّدَ خالداً
- والدهر غضا والزمانَ قشيبا
- واهنأ أبا الحجاجِ بالفتح الذي
- يُهدي إليك من الفُتوح ضُروبا
- وانعم بموقعِهِ الجميلِ فإنه
- يُشَجي عدوا أو يسرُّ حبيبا
- والدَّهر محتفِلٌ لملككَ محتفٍ
- يُبدي على أثرِ العجيبِ عجيبا
المزيد...
العصور الأدبيه