الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> بحيث القباب البيض والأسل السمر >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- بحيث القباب البيض والأسل السمر
- ليوث غيوث كلما أخلف القطر
- مقاول من أقيال سعد بن خزرج
- أنوفهم شم وأوجههم غر
- يشب على أبياتهم ضرم القرى
- فيهدي إذا ما ظل في السفر السفر
- يقولون والآفاق غير مغيمة
- كأن على الأرجاء أردية غبر
- إذا الوفر لم يدلل على الحمد ربه
- فلا جلت النعمى ولا وفر الوفر
- وما العمر إلا زينة مستعارة
- ترد ولكن الثناء هو العمر
- وإن زحفوا من دون راية يوسف
- تقول تعالى من له الخلق والأمر
- وتبصر سحبا من دروع سوابع
- يطير بها عزم ويقدمها نصر
- إمام به عز الهدى وتبادرت
- لطاعته الدنيا وذل به الكفر
- وأصبح ثغر الثغر يبسم ضاحكا
- وقد كان مما نابه ليس يفتر
- أقام سياج السلم دون ذماره
- فلا ظبة تعرى ولا روعة تعرو
- تناقلت الركبان طيب حديثه
- فلما رأوه صدق الخبر الخبر
- مضاء تضيق الأرض عنه برحبها
- وشيمة حلم لا يضيق بها صدر
- فما عمر إن قيس يوما ببأسه
- وإن وصفوه بالدهاء فما عمر
- لك الله ما أمضى سيوفك في العدا
- إذا ما أسود الحرب خامرها الذعر
- ودارت على أبطالها أكؤس الردى
- فمالت كأن القوم أزرى بها السكر
- وأي فؤاد منهم غير خافق
- إذا خفقت في البحر أعلامك الحمر
- دعتك قلوب المؤمنين وأخلصت
- وقد طاب منها السر لله والجهر
- ومدت إلى الله الأكف ضراعة
- فقال لهن الله قد قضي الأمر
- وألبسها النعمى ببيعتك التي
- بها أمن الإسلام وانسدل الستر
- وجاءتك كالآرام تختال في الحلى
- جياد المذاكي والمحجلة الغر
- وراد وشقر واضحات شياتها
- فأجسامها تبر وأرجلها در
- وشهب إذا ما ضمرت يوم غارة
- مطهمة غارت بها الشهب الزهر
- طوامح في أرسانهن فوارة
- يبين على أعطافها الزهو والكبر
- كأني بهم لما تعاطوا حديثها
- وأعناقهم ميل وأعينهم خزر
- وجاشوا إلى رأي من الكفر فائل
- وغرهم الشيطان بالله فاغتروا
- وربك بالنصر المؤزر كافل
- فعادته في قومك العضد والنصر
- كأنك قد ضمرت كل كتيبة
- غنائمها بيض وآسالها سمر
- إذا ما انجلى عنها القتام تدافعت
- على الأرض من ماديها لجج خضر
- عليها من الأبطال كل مجرب
- نقاب تساوى عنده الحلو والمر
- فدوخت الآفاق حتى أنيسها
- خلاء وحتى ربعها بلقع قفر
- لقد ضل من يبغي من البحر ضلة
- ولم يدر أن البحر أنملك العشر
- وعاش لنور النيرين بزعمه
- وما الشمس إلا دون وجهك والبدر
- تلقيت شهر الصوم بالبر والتقى
- تود بأن لا ينقضي ذلك الشهر
- وودع يثني بالذي أنت أهله
- وقد حلت الزلفى وقد عظم الأمر
- ووافاك شهر الصوم يزهى بغرة
- تزف بها البشرى ويبدو بها البشر
- أتيت مصلاه على قدم الرضا
- وقد عظم التمجيد لله والذكر
- وقد غص من وسغ السبيكة وسعها
- وجر بها أذياله العسكر المجر
- وما ريء من مثل له يوم زينة
- كأن نضيد الزهر راق به الزهر
- ودارت من الأعزاز تحت لوائها
- رماة على أوتارها للعدا وتر
- إذا اصطنبوا أقواسهم وتمنطقوا
- فتبصر جيش الترك جاشت به مصر
- فهنيته عيدا سعيدا إذا انقضى
- أتتك ضروب منه ليس لها حصر
- ولا زلت في ملك منيع مؤيد
- تهش له الدنيا ويعلو له الدهر
- إذا نحن أثنينا عليك بمدحة
- فهيهات يحصى الرمل أو يحصر القطر
- ولكننا نأتي بما نسطيعه
- ومن بذل المجهود حق له العذر
المزيد...
العصور الأدبيه