الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> أمحي رسوم الأنس إن شئت أن تبقي >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- أمحي رسوم الأنس إن شئت أن تبقي
- ذمائي فوف من ودادكم حقي
- فليس أخو الترجيح تحسبه أخا
- إذا لم يكن عونا على العدل والرفق
- عكوفا على اللذات من قبل فوتها
- حريصا على الإرشاد في منهج الحق
- فخذ منهم أوفى وأصدق لهجة
- فليس أخو التمويه مثل أخي الصدق
- فكم ليلة بتنا نعاطي وداده
- ألذ من العتبى وأشهى من العشق
- إذا طارق منهم تأنس للقرى
- نحرت له دني ووسدته زق
- وقلت لساقينا أدرها سلافة
- على صرخة المزمار أو نغمة الورق
- فقام بها تحذو أشعة خده
- فما قدر الحذاق فيها على الفرق
- رقيق حواشي الأنس حين ظهوره
- أبيح له مالي ومكن من رق
- إذا رمت منه ساقيا ومحدثا
- فمن ثغره يلقي ومن لحظه يسقي
- من الجانب الغربي أطلع كأسه
- كما طلع المريخ من جانب الشرق
- سلاف إذا لاحت لمحلولك الدجى
- تعهدت لها الطراق في سبل الطرق
- بذلنا لها أثمانها قبل ذوقها
- لأن شميم المسك أغنى عن الذوق
- توالت لها الأحقاب في أرض بابل
- فجاءت بنقض الجسم كاملة الخلق
- إذا ما أتتها نوبة بعد نوبة
- تعذبت فيها الروح من خشية الدق
- فخذها على وشي البطاح مبادرا
- لعطف من الدنيا ورغد من الرزق
- كأن رداء الروض من رقم صانع
- لطيف التهدي في الصناعة والحذق
- يلين إلى قحط الهجير بنانه
- فتسأله النوار عن زابر الودق
- فما لبست يوما خليق ثيابها
- وما غضت الأجفان إلا لتستسق
- تسوق النعامى كل ما ينعش القوى
- بفضل مزاج في لطيف من الصدق
- إذا ما سرى الوسمي في شبح الثرى
- تمخضت الأكوان مفتوقة الرتق
- فيصنع من ميت التراب عجائبا
- كما صنع الإكسير من حجر الطلق
- أليس على الأزهار للشمس سطوة
- فتخشى من الأنوار حتى من البرق
- إذا نفس الإصباح جن جنونها
- فريح الصبا تذكي وورقاؤها ترقي
- تشققت الأزهار عن جامد الثرى
- كذا جامد الألفاظ أصل لمشتق
- وصامتة القلبين تحسب عودها
- مشوقا إذا غنى يذوب من الشوق
- له قطع مخروط وجيد غزالة
- ومنقار طاووس وجفنة مستسق
- وقد ولفت أجزاؤه فتحكمت
- على نسبة ترضي بواسطة الربق
- وقد مدت الأوتار فيه لحكمة
- فجاء بديع الخلق مستحسن النطق
- إذا جست الغيداء أوسط جيده
- سمعت الذي تبدي كمثل الذي تلق
- فتحسب فيه من سليمان زاجلا
- يترجم منه عن سطيح وعن شق
- يجيب خرير الماء نغمة عودها
- بما جاء للقمري منه على وفق
- كأن غدير النهر في الدوح دارع
- على تعب منه إلى الظل مستلق
- إذا رفعت عنه الظلال رواقها
- تعد بها النينان في الطول والعمق
- كأن نجوم الليل والليل راحل
- قلوب هفت يوم الفراق من الخفق
- وتحسب خيط الفجر مرود فضة
- يجول من الآفاق في حدق زرق
- فسابق إلى اللذات تحظ بحوزها
- فقد وقفوا حوز الرهان على السبق
المزيد...
العصور الأدبيه