الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> لسان الدين الخطيب >> ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب >>
قصائدلسان الدين الخطيب
- ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب
- وما حاضِرٌ في وصْفِها مثلَ غائبِ
- ولا تُخْليا منها على خطَرِ السُّرى
- سُروجَ المذاكي أو ظُهورَ النجائبِ
- ولا تُغْفلا من وَسْمِها كلّما سرَتْ
- صدورُ القوافي أو صدورُ الرَّكائبِ
- وحُطَّ لها بين الحَطيمِ وزمزمِ
- رجالا من البُشْرى مِلآء الحقائبِ
- هو الخبَرُ الصِّدقُ الذي وضَحت به
- سبيلُ الهُدى بعد الْتباسِ المذاهِب
- وما هي إلا دعْوة ٌ يُوسُفِيَّة ٌ
- أثارتْ قَبُول الله ضَرْبة َ لازِب
- سَمَتْ نحو أبوابِ السّماءِ فلم تُرَعْ
- بتَشْغِيب بَوّابِ ولا إذْنِ حاجِب
- أيوسُفُ إنّ الدّهرَ أصبح واقِفا
- على بابِكَ المأمولِ مَوْقِف تائبِ
- دُعاؤُكَ أمضى من مُهنَّدة الظُّبا
- وسَعْدُكَ أقضى من سُعُودِ الكواكِب
- سُيُوفُكَ في أغمادِها مُطمئنَّة ٌ
- ولكنّ سيْف الله دامي المضارِبِ
- فَثِق بالذي أرْعاكَ أمرَ عباده
- وسلْ فضلَه فالله أكرمُ واهِبِ
- لقد طَوّق الأذفنشَ سعدُكَ خِزْية ً
- تجِدُّ على مرِّ العصورِ الذّواهِبِ
- وفَيْتَ وخانَ العهْدَ في غيرِ طائل
- وصدَّقَ أطماعَ الظُّنونِ الكواذب
- جرى في مجاري العِزّ غيرَ مقصِّرٍ
- وهل نَهَضَ العُجْبُ المُخِلُّ براكِب
- وغالَبَ أمرَ الله جلَّ جلالُه
- ولَمْ يَدْرِ أنّ الله أغْلَبُ غالِبِ
- ولله في طيّ الوجودِ كتائبٌ
- تَدِقُّ وتخفى عن عُيُونِ الكواكِبِ
- تُغيرُ على الأنفاسِ في كُلِّ ساعة ٍ
- وتكْمُنُ حتى في مياهِ المشارب
- أخَذْتَ عليهِ الطُّرْقَ في دارِ طارِقٍ
- فما كَفَّ عنه الجيشُ من كَفِّ ناهب
- فصار إلى مَثْوى الإهانَة ِ ذاهبا
- وخَلَّفَ عارَ الغدْرِ ليْسَ بذاهِب
- فمِن قارع في قومِه سِنَّ نادِم
- ومِنْ لاطِمٍ في خدِّه خَدَّ نادِبِ
- مصائب أشْجَى وقعُها مُهَجَ العِدا
- وكمْ نِعَمٍ في طَيّ تلكَ المصائب
- وإن لم يُصِبْ مِنْهُ السِّلاحُ فإنما
- أصِيبُ بسَهْم من دُعائكَ صائِب
- ولله من ألْطافِه في عبادِه
- خزائنُ ما ضاقَتْ بمَطْلَبِ طالِب
- فمهما غَرَسْتَ الصَّبرَ في تُرْبة ِ الرِّضا
- بحُكْمِ القَضَا فلْتجنِ حسْنَ العواقِب
- ولا تُبْعِدِ الأمرَ البعيدَ وقوعُهُ
- فإنّ الليالي أمهاتُ العجائِب
- هنيئا بِصُنْعِ قد كفاكَ عظيمُهُ
- رُكوب المرامي واخْتيارَ الكواكِب
- ودونكَ فافْتح كلّ ما أبْهَم العِدا
- ورُدَّ حُقوقَ الدِّينِ من كُلِّ غاصِب
- وبادرْ عدوَّ الله عند اضْطِرابِهِ
- وعاجِلْه بالبيضِ الرِّقاقِ القواضِب
- إذا قيل أرضُ الله إرثُ عبادِهِ
- بمُوجِب تقوى أنت أقْرَبُ عاصِب
- ألَسْتَ من القومِ الذين إذا انْتَموْا
- نَمَتْهُم إلى الأنصا غُرُّ المناسب
- سماحَة َ إيمانٍ وإشراقَ أوْجُهٍ
- وصِحَّة َ أحلام وغُرَّ مناقِب
- إذا أشْرَقَتْ يومَ النّوالِ وجوهُهُم
- رأيت البدُورَ في خِلال السَّحائب
- ويا جبَلَ الفتحِ اعتمدْها صنيعة ً
- رأينا بها كيف انجلاءُ الغياهب
- إذا ما هباتُ الله كانتْ صحيفة ً
- فما هي إلا سَجْدة ٌ في المواهِب
المزيد...
العصور الأدبيه