الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغني النابلسي >> وجه تعدد في المرائي >>
قصائدعبد الغني النابلسي
- وجه تعدد في المرائي
- وبه تحير كل رائي
- والكائنات بأمره
- موج على صفحات ماء
- والأمر أمر واحد
- فيه التقارب والتنائي
- إن العوالم كلها
- بظهورها والاختفاء
- في سرعة وتقلب
- مثل الكتابة في الهواء
- قد خطها القلم الذي
- هو باب ديوان العطاء
- بمداد أنوار الوجود
- الحق من يد ذي العلا
- قلم له عدد الورى
- أسنان رقم وانتشاء
- صبغ الإرادة طبق ما
- في الأرض يظهر والسماء
- يا باطنا هو ظاهر
- في كل ختم وابتداء
- إني وإنك واحد
- وإثنان عند الإنثناء
- من لي بمجهول العدا
- عرفته كل الأولياء
- إن غاب عن أغيارنا
- هو عندنا ملء الإناء
- يشقي ويسعد من يشا
- بالداء جاء وبالدواء
- هو بالتكبر في الشعار
- وبالتعاظم في الرداء
- وهو الجليس بذكره
- للعارفين وبالثناء
- غنى بمن غنى وقد
- طبنا به لا بالغناء
- وبدا بكل مهفهف
- زاكي الملاح والبهاء
- وبه القلوب تهيمت
- لا بالموشح في القباء
- قمر محا ظلماتنا
- بطلوعه وقت اللقاء
- حتى رأيناه به
- في كل أنواع الضياء
- شمس وكل الخلق في
- أنوارها مثل الهباء
- طلعت فأعدمت السوى
- والكون آل إلى الفناء
- حتى تجلى في غمائم
- باطل غيب العماء
- والكشف جاء بعسكر
- والكون خفاق اللواء
- والطبل أجسام الملا
- والزمر أرواح الفضاء
- وبموكب الأملاك حفف
- الغيب سلطان الوفاء
- هذا فكيف عقولنا
- لا تضمحل من
- صائر غاب
- من حيث ما هو ظاهر للرائي
- لا تدرك الأبصار منه سوى السوى
- وهي الحوادث جملة الأفياء
- والفيء يكشف أن ثمة شاخصا
- متحكما فيه بغير مراء
- فاحذر تظن بأن ما أدركته
- ذاك الوجود وكن من العلماء
- فجميع ما أدركته الموجود لا
- هو ذا الوجود الحق ذو الآلاء
- إن الوجود الحق عنك ممنع
- في عزة وترفع وعلاء
- وجميع ما أدركته هو حادث
- فإن وأنت كذاك رهن فناء
- لكنه بك قد تجلى ظاهرا
- وبسائر الأشياء باستقصاء
- فرأيته من حيث لم تعلم به
- وعلمته في رتبة الأسماء
- فعلمت رتبته وأنت لذاته
- راء وتنكر أنت أنك رائي
- إذ لم تكن تعلم به من حيث ما
- هو في تدان للورى وتناء
- ولقد أتى هو ظاهر هو باطن
- فافطن له في محكم الأنباء
المزيد...
العصور الأدبيه