الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغني النابلسي >> كن عارفا بوحدة الوجود >>
قصائدعبد الغني النابلسي
- كن عارفا بوحدة الوجود
- وقاطعا بكثرة الموجود
- وميز الحادث من قديم
- وخلص الثابت من مفقود
- واحذر من التباس من تجلي
- بغيره في حالة الشهود
- فوحدة الوجود في اصطلاحنا
- كناية عن رؤية الودود بالحس
- والذوق الصحيح الطاهر الطهور
- من شك ومن جحود
- لا بخيال العقل والفكر وما
- تأتي به طبائع الجلود
- منزها مقدسا مسبحا
- عن كل والد وعن مولود
- وعن دخول وخروج في سوى
- وعن جميع مقتضى الحدود
- وعن كمال نحن ندريه وعن
- نقص وعن زوال أو نفود
- وإنما كماله بمقتضى
- ما قاله عن نفسه بالجود
- نعلمه نحن بما علمنا
- به من الوفاء بالعهود
- والصدق والقيام بالحق له
- على سبيل الركع السجود
- من زاد عجزا عنه زاد علمه
- به مدى الصدور والورود
- يا أيها الناظر بالعقل احترز
- أن تفهم المطلق بالقيود
- واصبر إلى أن يفتح الله ولا
- تهجم على مرابض الأسود
- ودع علوم الله عند أهلها
- واردع حجا جاهلك الكنود
- وإن أردت فاترك الدنيا وغب
- عن علمك المزخرف المرصود
- وعد عن جاه ومنصب وعن
- أهل وعن أصل عن جدود
- واقنع بمن تطلبه دون الورى
- واخرج عن القيام والقعود
- واخلص له الني واصبر واصطبر
- على مراده بك المقصود
- ولا تظن وحدة الوجود ما
- تفهم من وحدة ذا الوجود
- تفهم معنى وتقول أنه
- هو مراد الأكملين القود
- وليس ذا مرادهم لأنهم
- فاتوك في منابر الصعود وأنت
- في الحضيض مأسور الهوى
- بشهوة كالنار في الوقود
- اسلك سبيلهم وقل بقولهم
- تدرى الذي دروا بلا صدود
- فإن تقوى الله من يخلص بها
- حلت عقال عقله المعقود
- هيهات هيهات لفرد واحد
- يدخل في مراتب المعدود
- ومطلق حتى عن الإطلاق لا
- يفهم في عقد من العقود
- وأين نور الحق ممن عقله
- في ظلمات من سواه سود
- إن المعاني كلها حوادث
- منفية عن ربنا المشهود
- لأنه مسبح عنها بها
- في سيلان هي أو جمود
- وإنما الأمر الذي نريده
- بوحدة الوجود في المعهود
- أمر عظيم خارج عن كل ما
- تدري ذوو الشقوة والسعود
- حقيقة تفني الجميع إن بدت
- للعقل عنها العقل في رقود
- ومن أتى بها عليه في الورى
- بغى بسوء وافترى وعودي
- لأنها السر الذي جاء به
- نبينا رغما عن الحسود
- وهو الذي في آدم لما بدا
- خرت له الأملاك بالسجود
- وقد أبى إبليس عن سجوده
- له فلا يزال بالمطرود
- فيه النصارى بالحلول كفرهم
- والكفر بالتجسيم في اليهود
- وعنه زاغت عصبة وألحدوا
- حتى بهم آل إلى اللحود
- وقد مضت نبوة به وقد
- أتت خلافة بلا جنود
- في كل عصر واحد فواحد
- إلى قيام الساعة الموعود
- هذا المراد عندنا بوحدة الوجود
- نتلوه على الشهود
- ليشهدوا لنا به في موقف
- يفي به الكريم في الوعود
- وتظهر الحج بالشاهد أن
- قد بلغ الغائب ذا الهجود
- نحن بهذا قائلون دائما
- ونوره فينا بلا خمود
- لا أننا نقول بالمعنى الذي
- تقول أهل المذهب المردود
- فالله من ضلالهم يعصمنا
- بفتح باب دونهم مسدود
- ومن علينا يفتري بغير ما
- قلنا رخهين يومه المشهود
المزيد...
العصور الأدبيه