الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغني النابلسي >> تفاخر الماء والهواء >>
قصائدعبد الغني النابلسي
- تفاخر الماء والهواء
- وقد بدا منهما ادعاء
- لسان حال وليس نطق
- ولا حروف ولا هجاء
- فابتدأ الماء بافتخار
- وقال إني بي ارتواء
- وبي حيا لكل حي
- أيضا وبي يحصل النماء
- وكان عرش الإله قدما
- علي يبدو له ارتقاء
- وطهر ميت أنا وحي
- لولاي لم يطهر الوعاء
- ولا وضوء ولا اغتسال
- إلا وبي ما له خفاء
- وبالهواء اشتعال نار
- ضرت وللنار بي انطفاء
- وأحمل الناس في بحار
- كأنني الأرض والسماء
- وعند فقري ينوب عني
- في الطهر ترب به اعتناء
- وأهلك الله قوم نوح
- لما طغوا بي لهم شقاء
- وليس لي صورة ولون
- لوني كما لون الإناء
- وقال عني الإله رجس الشيطان
- بي ذاهب هباء
- والخلق يرجونني إذا ما
- مسكت عنهم لهم دعاء
- والأرض تهتز بي وتربو
- فيخرج النبت والدواء
- فقام يعلو الهواء جهرا
- وقال إني أنا الهواء
- فإن أنفاس كل حي
- تكون بي للحياة جاؤوا
- وإنني حامل الأراضي
- والماء فيها له استواء
- وأهلك الله قوم عاد
- بشدتي ما لهم بقاء
- أروح القلب بانتشاق
- فيحصل الطيب والشفاء
- وأدفع الخبث حيث هب النسيم
- يصفو بي الفضاء
- وما لحي من البرايا
- عني مدى عمره غناء
- والنطق بي لم يكن بغيري
- والصوت في الخلق والنداء
- وليس كل الكلام إلا
- حروفه بي لها انتشاء
- وبي كلام الإله يتلى
- فيهتدي من له اهتداء
- وكل معنى لكل لفظ
- فإنه بي له اقتضاء
- لولاي ما بان علم حق
- وعلم خلق والأنبياء
- ولا يكون استماع إذن
- إلا وبي النوح والغناء
- وحاصل الأمر أن كلا
- من ذا وذا للردى اندراء
- وما لذا فضل على ذا
- ولا لذا بل هما سواء
- وكل ماء له مزايا
- يكون فيها لنا الهناء
- ولا هوا إلا وفيه
- نفع كما ربنا يشاء
- وآدم كان أصله من
- طين وأضحى له اصطفاء
- والمارج النار مع هواء
- سموم ريح وذاك داء
- ومنه إبليس كان خلقا
- له افتخار وكبرياء
- فكيف يعلو الهواء يوما
- والماء فينا له العلاء
- به الطهارات والذي لم
- يجده ترب به اكتفاء
- والنار فيها العذاب حتى
- لكل شيء بها فناء
- وإنما نورها اشتعال الهواء
- فيها له ضياء
- والترب فيه الجسوم تبلى
- فيظهر الذم والثناء
- وعز ربي وجل عما
- نقول أن يلحق الخطاء
- بخلقه ربنا عليم
- والعلم عنا له انتقاء
- والفضل منه يكون لا من
- سواه حقا ولا امتراء
المزيد...
العصور الأدبيه