الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الغني النابلسي >> تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم >>
قصائدعبد الغني النابلسي
- تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم
- فكانت وما كنا وليس لنا وسم
- هنالك قامت بالوجود قيامة
- بها حشرت أرواحنا واختفى الجسم
- مدام بها الأفراح دامت لأهلها
- ومن لم يذقها كل أوقاته غمّ
- وقام بها الساقي وحيى فساقنا
- إلى مورد منها لذيذ به الطعم
- إذا ما تراءت في الكؤؤس بدالها
- شعاع له في كل ناحية نجم
- هي السرّ للأشياء والجهر دائما
- على عدد الأنفاس والبدء والختم
- بها يهتدي الأعمى إليها ويسمع ال
- أصمّ وتأتي ناطقين بها البكم
- ويأمن ذو خوف ويفرح ذو أسى
- ويعتز ذو ذل ويبرابها السقم
- ولو أنهم صبوا على البحر قطرة
- لعاد بها عذبا ولو أنه سمّ
- ولو ذكروا حول الحطيم صفاتها
- لزال عن البيت العتيق بها الحطم
- ولو لم تكن أسماؤها قد تبينت
- لما بان في الأكوان كيف ولا كمّ
- ولولا سنا كاساتها من ورا الورى
- لما كان ذوق في الندامى ولا فهم
- ولو أن ميتا لقنوه بلفظها
- لقام سريعا نحوها شوقه ينمو
- ولولا بدت لم يشعر الأشعري بها
- ولولا تخفت ما تجهمها جهم
- ولولا معاني حسنها ظهرت على
- ملاح الورى ما كان عشق ولاوهم
- ولو بيتيم الوالدين قد اعتنت
- لعز وعنه زال من ذله اليتم
- جمال تجلى في جلال وعكسه
- فقوم له مدح وقوم لهم ذمّ
- وكل قلوب الناس لو لم تهم بها
- لما طاب نثر في الكلام ولا نظم
- ولكنهم هاموا ورقت طباعهم
- ولم يعلموا في أيّ واد بها هموا
- لثام من الأشياء يحجب وجهها
- حلا لعيون العاشقين به اللثم
- ألا حيّ يا صاحي على سكرة بها
- ودع عنك من هم دونها عندهم وهم
- وشقق بها الأثواب عنك وكن بها
- مجرّد عزم لا يقاس به عزم
- وبت في ثرى حاناتها متلفقا
- بأثواب ذل في هواها بها تسمو
- وكن عاجزا عنها تكن قادرا بها
- فعدلك عنها منك نحو السوى ظلم
- هي البيت بيت الله حجت قلوبنا
- إليها فلا ذنب علينا ولا جرم
- إذا نحن أحرمنا نلبي بذكرها
- وفي علميها عندنا يكثر العلم
- وإن زمزم الحادي بها فهي زمزم
- وعن مصنا من ثديها ما لنا فطم
- نعمنا بها في لذة العيش والصبا
- وما ذاك إلا أنها أنعمت نعم
- هي الدهر في تقليب أيامه على
- بنيه له حرب بهم وله سلم
- إذا ما شربناها خفينا بنورها
- وعند طلوع الشمس ما للدجى رسم
- بها للحواس الخمس منا تمتع
- فسمع ولمس ذوقنا بصر شمّ
- وللعقل أيضا لذة في جمالها
- وسرّ بدا منها له وجب الكتم
- وقد سكرت حاناتها وكؤوسها
- بها في تجليها وقد سكر الكرم
- ولو أن إنسانا صحا لرأى هنا
- من السكر قد هامت بها العرب والعجم
- ومن سكرهم منها يقولون غيرها
- وهذا أب قالوا كما هذه أمّ
- وقالوا عيون في وجوه وأرجل
- وأيد وقالوا أرؤس ودم لحم
- معان تبدّت في صفاء وجودها
- فقوم لهم أجر وقوم لهم إثم
- وتلك نعوت قائمات بها لها
- على الفرض والتقدير لا أنه حتم
- إشاراتها اللاتي بوصف مشيئة
- تسمى بأشيا وهي هالكة عقم
- وما ثم توليد وليس مناسبا
- لها ذاك بل وصف إليها له ضمّ
- تحقق بما قلناه فيها مجانبا
- سواه فما قلناه فيها هو الغنم
- وإياك والتوليد في جعلها السوى
- فذلك قذف منك في حقها شتم
- وإن جهل الأقوام ذلك واختفى
- عليهم فللتوحيد توليدهم هدم
- نصحتك فامسح عن بصيرتك العمى
- بقولي وإلا فالنصوص لك الخصم
- وهذا هو الحق الذي هو ظاهر
- وبالغيب فيها ما عداه هو الرجم
- خذ الكاس مني يا ابن ودّي فإنه
- روى ّ بهذا فليكن عندك الحزم
- ومل طربا في النشأتين بشربه
- فإن شرابي للضلال به هضم
- شراب طهور في كؤوس نظيفة
- كريم به الساقي ومنه العطا الجمّ
- على رنة الأسماء دام مدامنا
- وإن نمق الزور الوشاة وإن نموا
- وفي مقعد الصدق العزيز مناله
- تجلت لنا ذات وفعل بدا واسم
المزيد...
العصور الأدبيه