الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> هذا ابتداءٌ له عند العلى خبرُ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- هذا ابتداءٌ له عند العلى خبرُ
- يُحْكَى فَيُصْغِي إليْهِ الشُّهْبُ والبَشَرُ
- كأنهُ وهو من متنِ الصبا مثلٌ
- من كل قُطرٍ منَ الدنيا له خبرُ
- ما استحسن الدهر حتى زانه حسن
- وأشرقت في الورى أيامُهُ الغرر
- شهمٌ له حين يرمي في مناضلة ٍ
- سهمٌ مواقعه الأحداقُ والثغر
- لو خصّ عصر شباب من سعادته
- بلحظة ٍ لم ينله الشيب والكبر
- ملكٌ جديد المعالي في حمى ملك
- ماضٍ كما طُبع الصمصامة الذكر
- لقد نهضتَ بعبءِ الملكِ مضطلعاً
- به ظهيراك فيه السعد والقدرُ
- فإن نصرت على طاغٍ ظفرتَ به
- فما حليفاك إلاَّ النصر والظفر
- وإن خَفَضْتَ عُداة َ الله أو خُذلوا
- فأنت بالله تستعلي وتنتصرُ
- أصبحت أكبر تعطي كل مرتبة
- حقّاً وسنّكَ مقرُونٌ بها الصغر
- يُخْشَى حُسامَك مغْمُودا فكيف إذا
- ما سُلْ للضربِ وانْهَدّتْ بهِ القَصَر
- وليس يعجبُ من بأس مخايله
- من مقلتيكَ عليها يشهد النظر
- والشبل فيه طباع الليث كامنة ٌ
- وإنَّما ينتضيها النَّاب والظفر
- إنّ البلاد إذا ما الخوفُ أمرضها
- ففي أمانك من أمراضها نُشر
- وما سفاقس إلا بلدة ٌ بعثتْ
- إليك عنها لسانَ الصدق تعتذر
- وأهلها أهلُ طوعٍ لا ذنوب لهم
- إني لأقسم ما خانوا وما غدروا
- وإنما دافعوا عن حتف أنفسهم
- إذ خَذّمَتْهُمْ به الهندية ُ البتر
- ضرورة ٌ كان منهم ما به قُرفوا
- وبالضرورة عنهم نكبَ الضررُ
- وقد جرى في الذي جاءوا به قدرٌ
- ولا مَرَدّ لما يجري به القَدَر
- وما على الناس في إحسان مملكة ٍ
- إذا تشاجرَ فيه المدّ والحَسَر
- كلٌّ لعلياكَ قد كانت حميّتُهُ
- مؤكّدا كلّ ما يأتي وما يذر
- وهم عبيدُكَ فاصفحْ عن جميعهُمُ
- فالذنْبُ عند كريم الصفح مُغْتَفِرُ
- بَكَوْا أباك بأجفانٍ مؤرَّقة
- أمْوَاهَهُنّ من النّيران تنفجر
- ورحمة ُ الله تترى منهم أبداً
- عليه ما كرّت الآصال والبكر
- حتى إذا قيلَ قد حاز العلى حسنٌ
- مَدّوا إلى أحْمَدَ الألحَاظَ وانتظروا
- وقبّلوا من مذاكي خيله فرحاً
- حوافراً قد علا أرساغها العفرُ
- مالوا عليها ازدحاماً وهي تَرْمَحُهُمْ
- فكمْ بها من كسيرٍ ليس ينجبرُ
- شوقاً إليهم ومحضاً ممن وفائهمُ
- لم يَجْرِ في الصّفْوِ من أخلاقه كدر
- أبوك مَدّتْ عليهم كفُّ رأفته
- منها جناحاً مديدا ظلَّه خَصِر
- حَدتْ لهم في قوام الأمر طاعتُهُ
- حدّاً فما وَرَدُوا عنه ولا صدروا
- وألفَ اللهُ في الأوطانِ شملهمُ
- فنُظّموا في المغاني بعدما نثروا
- وأنتَ عدلٌ فسرْ فيهم بسيرته
- فالعَدْلُ في المُلْكِ عنه تُحْمد السير
- أنتمْ مُلوكُ بني الدّنْيا الذين بهمْ
- تَرْضٍى المنابِرُ والتيجانُ والسرر
- أعاظمٌ من قديم الدهر مُلْكُهُمُ
- ترى المفاخرَ تستخذي إذا افتخروا
- من كل مقتحمٍ في الحرب معتزمٌ
- ذمرٌ له في ضمير الغمدِ ذو شطبٍ
- كأنه بارقٌ يسطو به قمرُ
- شمسُ العداوة حتى يُستقاد لهم
- وأعظم الناسِ أحلاماً إذا قد رأوا
- إليك طَيّبَ روضُ المدح نَفْحَتَهُ
- لمّا تفتّح فيه بالندى زهرُ
- يجوبُ منه ذكي المسك كلّ فلاً
- طيباً ويعبرُ منه العنبرُ الذفر
- كأنَّ زُهْرُ الدراري فيه قد نُظِمَتْ
- كما تنظّمُ في أسلاكها الدررُ
- يا من تضاعفَ فيضُ الجودِ من يدهِ
- كأنَّما البحرُ من جَدْوَاهُ مختصر
- إني نأيتُ وحظي حطَّ منزلة ً
- كأنما طول باعي عاقهُ قصرُ
- وقد نُسيتُ وذكري لا خفاءَ به
- والمسكُ يُطوى ونشرٌ منه ينتشرُ
- وقد بعثتُ رثاءً في أبيك، ولي
- حزنٌ عليه فؤادي منه ينفطر
- وما بدا لي من جودٍ أمرتَ به
- عينٌ، تفوز به عيني، ولا أثر
- وكفّكَ المزنُ تسْقِي من دَنَا ونأى
- وليس من غيرِ مُزْنٍ يرتجى المطر
- بقيت للدين والدنيا وأهلهِما
- وَمُدّ في رتب العليا لك العمر
المزيد...
العصور الأدبيه