الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> ما أغمدَ العضبُ حتى جُرّد الذكرُ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- ما أغمدَ العضبُ حتى جُرّد الذكرُ
- ولا اختفى قَمَرٌ حتى بدا قَمَرُ
- قد مات يحيى فماتَ الناسُ كلهمُ
- حتى إذا عليٌّ جاءهم نُشروا
- إنْ يُبْعَثُوا بسُرورٍ مِنْ تملُّكه
- فمنْ منية ِ يحيى بالأسى قُبروا
- أوْفَى عليٌّ فَسِنّ الملكِ ضاحكة ٌ
- وعينُهُ من أبيه دمْعُها هَمِر
- يا يَوْمَ وَلّى عن الدّنيا به طُمِسَتْ
- بظلمة ِ الرزءِ من أنوارِكَ الغُرَر
- ومادَتِ الأرضُ من فقدانها جبلاً
- ينابعُ الجودِ من سفحَيه تنفجر
- لم تُغْنِ عنه غياضٌ من قناً وظُباً
- حمرُ الحماليق فيها أسدها الهصُرُ
- يرونَ زُرْقَ ذئابٍ ما ثعالُبها
- إلاَّ عواملُ في أيمانها سُمُر
- ويتركونَ إذا جَيشا الوغَى انتظما
- سلخاً كساه حديداً حيّة ٌ ذكر
- وديعة ُ السيلِ في البطحاء غادرها
- تقري الرماحَ بها الآصالُ والبكر
- لم يُغنيا عنه: لا عزٌّ يدلُ بهِ
- مَنْ كانَ بالكبر في عرنينه أشرُ
- ولا مهابة محجوبٍ تبرجُها
- كأنه عندَ أبصارِ الورى خفر
- شُقّتْ جيوبُ المعالي بالأسى وبكَتْ
- في الخافقين عليهِ الأنجمُ الزهرُ
- إذ السماءُ بصوتِ الرعدِ صرختها
- يكادُ منها فؤادُ الأرْضِ يَنْفَطِر
- والجوّ مُتّقِدُ الأحشاءِ مُكْتَئِبٌ
- كأنَّما البرقُ فيها للأسى سُعُر
- وقل لابنِ تميمٍ حُزنُ مأتمها
- فكلّ حزنٍ عظيمٍ فيه محتقرُ
- قامَ الدليلُ ويحيى لا حياة َ لهُ
- إنَّ المنِيَّة َ لا تُبْقِي ولا تذر
- أمسى دفيناً ولم تُدْفَنْ مَفاخِرُهُ
- كالمسكِ يُطوى ، ونشرٌ منه ينتشرُ
- قد كنتُ أحسبُ أن أُعْطَى مُنايَ به
- وأن يطولَ على عمري لهُ عمر
- وها أنا اليومَ أرثيهِ وكنتُ لهُ
- أنقّحُ المدحَ، والدنيا لها غيرُ
- يا ويحَ طارقِ ليلٍ يستقل به
- سامي التليلِ براه الأينُ والضُّمر
- في سرجِهِ من طُيورِ الخيلِ مُبْتَدِرٌ
- وما جناحاه إلاّ العنقُ والخصر
- يَطوي الضميرَ على سرٍّ يُكِنّ به
- بُشْرَى ونَعْيٍ، حَيَارَى منهما البشر
- لولا حديثُ عليّ قلتُ من أسفٍ
- بفيك -يا من نعى يحيى لنا- العفر
- إنْ هُدّ طودٌ فذا طودٌ يُعادله
- ظلٌّ تُؤمَّنُ في أفيائِهِ الجدر
- أو غيضَ بحرٌ فذا بحرٌ بموضعهِ
- لوارديه نميرٌ ماؤه خَصِرُ
- يا واحدا جُمعَتْ فيه الكرامُ ومَنْ
- بسيفهِ ملّة ُ التوحيد تنتصر
- أوجَفْتَ طِرْفَكَ والإيجافُ عادتُهُ
- والصبحُ محتَجَبٌ واللّيلُ معتكر
- لمَّا سَريتَ بجيشٍ كُنْتَ جُمْلَتَهُ
- وما رفيقاكَ إلاَّ النصرُ والظفر
- طوى له الله سهباً بتّ قاطِعَهُ
- كأنما بُعْدُهُ بالقربِ يُختصرُ
- وقصّرَ السعدُ ليلاً فالتقى عجلاً
- منهُ العشاءُ على كفّيك والسحر
- وفي ضلوعِكَ قلبٌ حشوه هِمَمٌ
- وبين عينيكَ عزمٌ نَوْمُهُ سَهَر
- حتى كسوتَ حياة ً جسمَ مملكة ٍ
- بردّ روحٍ إليه منكَ ينتظرُ
- هنئتَ بالملكِ إذْ عُزّيتَ في ملكٍ
- لِمَوْتِهِ كانَ منكَ العيش يذّخر
- جلست في الدست بالتوفيق وابتهجت
- بكَ المنابرُ والتيجانُ والسُّررُ
- أضحتْ عُلاكَ على التمكين ثابتة ً
- فطيبُ ذكركَ في الدنيا له سَفَر
- تناوَلَ القَوْسَ باريها، فأسْهُمُهُ
- نوافدٌ في العدى ، أغراضُها الثُّغَر
- وقامَ بالأمْرِ سَهْمٌ منكَ مُعْتَزِمٌ
- يجري من الله في إسعادِهِ القَدر
- وأصبَحَتْ هِمَمُ الآمالِ سانية ً
- عن العطايا التي عُنوانها البدر
- وأنتَ سمحٌ بطبعٍ غير منتقل
- سِيّانَ في المحل منكَ الجُوْدُ والمطر
- واسْلَمْ لعزّ بني الإسلامِ ما سَجَعَتْ
- سوامرُ الطير وانآدت بها السَّمُرُ
المزيد...
العصور الأدبيه