الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> كلَّ يوم مودِّع أو مودَّعْ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- كلَّ يوم مودِّع أو مودَّعْ
- بفراقٍ من الزمان متنوَّعْ
- فانقطاع الوصال كم يتمادى
- وحصاة ُ الفؤاد كم تتصدَّعْ
- ليت شعري هل أرتدي بظلامٍ
- لا يراني الضياءُ فيه مروّعْ
- بحداءٍ من واصفِ البين غادٍ
- وَنَعيبَ من حالكِ اللّون أبقع
- فبنارِ الأسى يُحرّق قلبُ
- وبماءِ الهوى يُغرقُ مدمعْ
- هذه عادة ُ الليالي فلمها
- وهي لا تسمعُ الملامة ، أو دعْ
- تطعنُ الحيّ فالجسوم بواقٍ
- في يدِ السّقْمِ والنفوسُ تُشَيَّع
- وكأن الحسان زُودنَ صبري
- فهو بالبين بينه نيوزع
- كلّ نمامة ِ الرياح تلاقي
- منه أنفاسَ روضة ٍ تتضوّع
- يلمعُ الماءُ في سنا الخدّ منها
- فكأن الرحيقَ منه يشعشع
- تنتحي بالأراك ثغرَ أقاحٍ
- للندى فيه ريقة ٌ تتميّع
- نصّلتْ في القوام باللحظ منها
- صعدة ً في يدِ الملاحة تُشرعْ
- تجرحُ القلبَ، والأديمُ صحيحٌ
- فعن السحر منه حدثتُ فاسمع
- قفْ وقوفَ الحيا بدمنَة ِ ربعٍ
- ضَيّعَ الدمعَ فيه رسمٌ مُضَيّع
- دارسٌ لا تزالُ غُبْرُ السّوافي
- تَفْرِقُ التربَ فيه ثُمّتَ تجمع
- كم به من سوانح في المغاني
- آمناتٍ من نبأة الخوف ترتعْ
- وظباءٍ كأنهنَّ دُماهُ،
- حينَ تَرْنُو، لو أنَّها تَتَبَرْقَعْ
- وحبيسٍ على الفلا زمخريٍ
- خاضبٍ أفتخِ الجناحين أقزعْ
- رافِعٍ في الهواءِ طُولى عليها
- عنقٌ كاللّواءِ في الجيش يُرْفَعْ
- تحسب العين رجله نصب رحل
- أصلمٌ ليتَ أنّه كان أجدعْ
- إنّ ثوبَ الصبا يمزّق مني
- ما الذي بالخضاب منه يُرقَّعْ
- فعصتني الفناة ُ كيداً وكانتْ
- في الهوى من يدي إلى الفم أطوعْ
- أنْبَتَ الدهر في المفارقِ شيباً
- بهموم في مُضْمَرِ القلب يُزْرع
- وابتدا والنوى بيمناه تبدي
- صورة الماء في السراب، فتخدع
- بشمالٍ تثني عليها جنوباً
- بهبوبٍ، يقلقلُ الكورَ زعزع
- كلما أمرعت ببقلٍ جُفالٍ
- قلتُ بالحمر من حمى القيظ تُلذعْ
- حيثُ أذكتْ ذكاءُ فيها أوارا
- يلفحُ الوجهَ في اللثام فيسفعْ
- وإذا ما لَمَسْتَ جَدْوَلَ ماءٍ
- خلتهُ حية ً من الحر تلسعْ
- أنا نبعٌ لا خروعٌ عند عمري
- وأرى العود منه نبعٌ وخروع
- لستُ أُثْنِي عن السُّرى في طريقٍ
- خَيّمَ الليلُ فوقه وهو خيدع
- فكأني خُلقتُ جوّابَ أرضٍ
- أصلُ العزم حشوها وهي تقطعْ
- وكأنَّي في مِقْوَلٍ من زماني
- مَثَلٌ وافدٌ على كلّ مسمع
المزيد...
العصور الأدبيه