الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> قَضَتْ في الصّبا النفسُ أوطارَها >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- قَضَتْ في الصّبا النفسُ أوطارَها
- وأبلغها الشيبُ إنذارها
- نَعَمْ وأُجِيلَتْ قِداحُ الهوَى
- عليها فتقسّمنَ أعشارها
- وما غرسَ الدهرُ في تربة ٍ
- غراساً ولم يجنِ أثمارها
- فأفنيتُ في الحرب آلاتها
- وأعددت للسلم أوزارها
- كميتاً لها مَرحٌ بالفتى
- إذا حثّ باللهو أدوارها
- تناولها الكوبُ من دنّها
- فتحسبه كانَ مضمارها
- وساقية ٍ زرّرت كفُّها
- على عُنُقِ الظبي أزرارها
- تدير بياقوتة ٍ دُرَّة ً
- فتغمسُ في مائها نارها
- وفتيانِ صدقٍ كَزُهْرِ النجوم
- كرام النحائز أحرارها
- يديرون راحاً تفيض الكؤوس
- على ظُلَمِ الليلِ أنوارها
- كأنَّ لها من نسيج الحَبَاب
- شباكاً تُعقّلُ أطيارها
- وراهبة ٍ أغلقتْ دَبْرَها
- فكنّا مع الليل زُوّارها
- هدانا إليها شذا قهوة ٍ
- تذيعُ لأنفك أسرارها
- فما فاز بالمسك إلاَّ فتى ً
- تَيَمّمَ دارِينَ أو دارها
- كأنَّ نوافجَهُ عندها
- دنانٌ مضمَّنَة ٌ قارها
- طرحتُ بميزانها درهمي
- فأجْرَتْ من الدنّ دينارها
- خطبنا بناتٍ لها أربعاً
- ليفترع اللهو أبكارها
- من اللائي أعصارُ زُهر النجوم
- تكادُ تُطاولُ أعمارها
- تريك عرائسها أيدياً
- طوالاً تصافح أخصارها
- تفرّسَ في شَمِّهِ طيبَها
- مجيدُ الفراسة فاختارها
- فتى ً دارسَ الخمر حتى درى
- عصيرَ الخمور وأعصارها
- يَعدّ لما شئتَ من قهوة ٍ
- سنيها ويعرفُ خمَّارها
- وعدنا إلى هالة ٍ أطْلَعَتْ
- على قُضُبِ البان أقمارَها
- يرى مَلكُ اللهو فيها الهمومَ
- تثورُ فيقتلُ ثوّارَهَا
- وقد سكّنَتْ حركاتِ الأسى
- قيانٌ تُحرّكُ أوتارها
- فهذي تعانِقُ لي عودها
- وتلك تقبّل مزمارها
- وراقصة ٍ لقطتْ رِجلها
- حسابَ يدٍ نَقَرَتْ طارَها
- وقضبٍ من الشمع مصفَرة ٍ
- تريك من النار نوارها
- كأنَّ لها عمدا صُفّفَتْ
- وقد وزن العدلُ أقطارها
- تقلّ الدياجي على هامها
- وتهتك بالنور أستارها
- كأنَّا نُسلّطُ آجالها
- عليها فتمحقُ أعمارها
- ذكرتُ صقلية ً والأسى
- يُهيّج للنفس تذكارها
- ومنزلة ً للتصابي خلتْ
- وكان بنو الظرف عُمَّارها
- فإن كنتُ أخرجت من جنة ٍ
- فإني أحدث أخبارها
- ولولا ملوحة ُ ماء البكا
- حَسِبْتُ دموعيَ أنهارها
- ضحكتُ ابنَ عشرين من صبوة ٍ
- بكيت ابنَ ستين أوزارها
- فلا تعظمنّ لديك الذنوب
- فما زال ربّك غفّارها
المزيد...
العصور الأدبيه