الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> في كُنْهِ قَدْرِكَ للعقولِ تَحَيّرُ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- في كُنْهِ قَدْرِكَ للعقولِ تَحَيّرُ
- فلذاك عنه النيرات تقصر
- والواصفونَ عُلاَكَ مِنّا قَرّبوا
- ما ترجموا للناس عنه وعبَّروا
- ألقيتَ عزمكَ بين عَيْنِيْ ضَيْغَمٍ
- وأباتَ طيفك كلّ شيءٍ يُذعر
- ورحلتَ في جون القتام عرمرمٍ
- وكأنه ليل بوجهك مقمر
- ولئن قدمت وفي اعتقادك عودة ٌ
- فالبحر من عظم يمدّ ويجزر
- والفتحُ من فضلِ الإله، ويومهُ
- متقدّمٌ بالنصر أو متأخر
- لولا اقترابُ الوقت عن قدر لما
- فتحتْ على حالٍ لأحمد خيبر
- وفوارسٍ يَحْمرّ مِنْ ضرب الطلا
- بأكفِّهم ورقُ الحديد الأخضر
- لا غشَّ جبْنٍ فيهمُ فكأنَّهم
- سُبكوا بنيران الحروب وسجّروا
- ومن الرجال مُروَّعٌ ومشجع
- ومن السيوف مؤنثٌ ومذكر
- ألِفَتْ قلوبُهُمُ الخضوعَ لربهم
- والأس في أسيافهم متكبر
- يَرْمُونَ أغراضَ الحتوفِ بأنفسٍ
- ووجوهها لعيونهم تتنمّر
- وتغور في هام العلوج جداولٌ
- للضرب من أغمادهم تتفجر
- من كلّ وحشيِّ الطباع كأنَّه
- بين القنا الخطّيِّ ليثٌ مُخْدَر
- متقدمٌ من صبره، ولثامهُ
- يوم القراع أضاتهُ والمغفر
- صبحت جيوشهم جيوشاً يا لها
- من أبْحُرٍ زَخَرَتْ عليها أبحر
- ويلٌ لحصن ليبطَ من يومٍ على
- جنباتهِ يجري النجيع الأحمر
- والروعُ تثقلُ بالردى ساعاتهُ
- وتخفّ بالأبطال فيه الضمر
- يثنى النهار به على أعقابه
- حتى كأنَّ الشمس فيه تُكَوَّر
- والنّقْعُ فيه دُجُنّة ٌ لا تنجلي
- والصبحُ منه ملاءة ٌ لا تنشر
- ولقد شددتَ على خناق علوجهم
- وأدارَ رأيك فيهم مستبصر
- واستعصموا بذرى أشمّ كأنَّهم
- عصمٌ أتيحَ لها هزبر قسور
- قَلّوا لَدَيْكَ غَنيمة ً فكأنَّما
- أبقتهُمُ الأيامُ فيه ليكثروا
- ولقلَّمَا يبقى رمادُهُمُ إذا
- طارتُ به في الجو ريحٌ صرصرُ
- قام الدليل، وما الدليل بكاذبٍ
- أن النصارى يخذلون وتنصرُ
- سكنتَ في الآفاقِ من حركاتهم
- والنبض من خور الطبيعة يفترُ
- هلاّ أطاق الكفرُ جرّ قناته
- لما تركتَ كُعُوبَها تَتَكسر
- يومَ العروبة ِ، والعرابُ لواعبٌ
- تكبو على هامِ العلوج وتعثر
- والفنش يحصب ناظريه وقلبهُ
- بقوارع الأحزان يومٌ معورُ
- ركبَ الغواية واستبد برأيه
- جهلاً ليعبر خضرماً لا يعبر
- خذ في عزائمك التي تركتهم
- خبراً مع الأيام لا يتغير
- بالخيل تحت الليل يُسرجُ حولها
- في كلّ ذابلة ٍ سِنانٌ أزهر
- وتلوكُ من فُقْدِ القضيم شكائماً
- تُنْهَى بها أفْواهُهُنّ وَتُؤْمَر
- عَرَكَتْ أديم الأرضِ تحت حوافرٍ
- صخرُ البلاد بوطئهنّ مسخَّر
- حتى تُغَنّيهِمْ ظُبَاكَ من الردى
- نغماً، وتسقيهم كؤوساً تُسكر
- جاهدتَ في الرحمن حقّ جهاده
- وجرى الملوكُ كما جريت فقصَّروا
- فيبيتُ ناجودٌ وعودٌ حولهم
- ويبيتُ حولك شزَّبٌ وَسَنَوّر
- وتفوح غالية ٌ بهم وذريرة ٌ
- وهما دمٌ في برديتك وَعِثْيَر
- أعطتك ريحانَ الثناء حديقة ٌ
- ظمئتْ ولكن قلما تستمطر
- وأنا العليم بأن طولكَ شاملٌ
- وذراك رحراحٌ وَجُودَكَ كَوْثَرُ
المزيد...
العصور الأدبيه