الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> غَيَّرَتْهُ غِيَرُ الدَّهْرِ فشابْ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- غَيَّرَتْهُ غِيَرُ الدَّهْرِ فشابْ
- ورمته كلُّ خود باجتناب
- فغدا عند الغواني ساقطاً
- كسقوط الصفر من عد الحساب
- وتولى عنه شيطانُ الصبا
- إذا رماه الشيبُ رجماً بشهاب
- وكأنَّ الشَّعَرَ منه سَعَفٌ
- يلتظي فيه شواظٌ ذو التهاب
- أيها المُغْرِى بِتأنِيبِ شجٍ
- سُلّطَ الوجد عليه، هل أناب؟
- هامَ، لا همتَ، من الغيد بمن
- حبّها عذبٌ، وإن كان عذاب
- لمتَ، لا لمتَ، عميداً قلبهُ
- عن سماعِ اللوم فيها ذو انقلاب
- والهوى باقٍ مع المرء إذا
- كان من عصرِ الصِّبا عنه ذهاب
- بأبي من أقبلتْ في صورة ٍ
- ليس للتّائب عنها مِنُ متاب
- كُلُّ حُسْنٍ كامِلٍ في خَلقها
- ليتها تنجو من العين بعاب
- فالقوام الغصن، والردف النقا،
- والأقاحُ الثَّغْرُ، والطَّلُّ الرُّضاب
- ظبية ٌ في العقد إما التفتتْ
- ومهاة حين ترنو في النقاب
- ضاع قلبي فالتمسهُ عندها
- تُلْفِهِ في النحر وُسْطَى بِسِخَاب
- روضة ٌ تعبقُ نشرا ما لها
- غُمست في ماءِ وردٍ وملاب
- عنّفت رسلي، وردّت تحفي
- وأتت تقرع سمعي بالعتاب
- ومحتْ أسطر شوقٍ كُتبتْ
- بدموع، نِقْسها قلبٌ مذاب
- ثمّ غطت بنقاب خدّها
- مَنْ رأى الشمس توارت بالحجاب
- بكلامٍ يسْتبي أهلَ النَّهى
- ويحطّ العصم من شمّ الهضاب
- حيث أخلاقي رواضٍ خَضَعَتْ
- في الهوى منها لأخلاقٍ صعاب
- كيفَ لا أبكي بهذا كلّه
- وأنا الفاقد ريعان الشباب
- صدّت البيضُ عن البيضِ أما
- كان ما بين الشبيهين انجذاب
- أفلا أبكي شباباً فقدهُ
- قلبَ الماء لظمآنٍ سراب
- أخطأ الشيبُ ظباءً، والصِّبا
- لو رماها خَذَفَاتٍ لأصاب
- خُذ برأيٍ في زماع واصلٍ
- طرفَيْهِ: بسفين وركان
- واغتربْ وارجُ المنى كم من فتًى
- معدمٍ نال المنى بعد اغتراب
- إنَّ أتراحَ النوى يعقُبُها
- بجزيلِ الحظِّ أفراحُ الإياب
- وإذا نابك خطبٌ فاقرهِ
- بمهيبٍ فهو للإسلام ناب
- إنَّ للقائد عزا، جارُهُ
- في جوار النجم محميّ الجناب
- أسَدُ الروع الذي حملاقهُ
- يُرْسِلُ اللحظَة َ موتاً فَيُهاب
- صارمٌ يُبْكي دُمَى الرومِ دَماً
- إن تغنَّى منه في الهام ذُباب
- في جهادٍ قَرَنَ الله به
- عنده الزّلفى إلى حُسْن المآب
- كم بأرضِ الشرك من معمورة ٍ
- أصبحت في غَزْوِهِ وهي يَبَاب
- في أساطيلَ ترى أحشاءها
- لبنات الرومِ فيهنّ انتحاب
- ككناسٍ بغمتْ غزلانهُ
- من زئيرٍ راعها منْ أُسْدِ غاب
- كلّ مسودّ قراهُ خلقة ً
- لابساً من ذلك الليل إهاب
- إنّ ثعبان سراه يقتدي
- في نعيب منه بالبرّ غراب
- شجراتٌ حَمْلُها البيضُ إذا
- نوّرتْ بالمشرفيات العضاب
- أثمرتْ بالعينِ في الماءِ وإن
- ثوّرتْ منه عجاجات العباب
- تقرأ الأعلاجُ منها للردى
- فوْقَ طِرْسِ الماءِ أسطارَ كتاب
- مَنْ صناديدهمُ إنْ ساوروا
- أسُدَ البيد وحيّات الشعاب؟
- لستُ أدري أقلوبٌ منهمُ
- أمْ صخورٌ في الحيازيم صِلاب
- بُهَمٌ إن ثَوّبَتْ حَرْبٌ بِهِمْ
- أوجفوا البُزْلَ إليها والعِراب
- أيها العزم الذي منه زكا
- في المعالي عنصر المجد وطاب
- هاكها بنتَ ضميرٍ أعْرَبَتْ
- عن معاليك بألفاظٍ عِذاب
- يا لها من حكمة ٍ بالغة ٍ
- خاطبَ الفضلَ بها فصلُ الكتاب
- وَصِلِ الغزوَ بتدميرِ العدى
- واحيَ في العزِّ لتسهيل الصعاب
المزيد...
العصور الأدبيه