الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> رعى وَرَقُ البيضِ الذي زهرُهُ دَمُ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- رعى وَرَقُ البيضِ الذي زهرُهُ دَمُ
- بهم ورقاً عن زهره الروضُ يبسمُ
- جبابرة ٌ في الروع تعدو جيادهم
- بهمْ فوق ما سحّ الوشيج المقوَّمُ
- تنوءُ بهم في ذُبّلِ الخطِّ أنْجُمٌ
- سحائبها نقعٌ، وأمطارها دم
- ترحّلُ من آجامها الأسدُ خيفة ً
- إذا نَزَلوا للرّعِي فيها وخَيّموا
- ترى كلّ جوّ من قناهم ونَقَعِهِمْ
- يُكَوْكَبُ إن ساروا بهم وَيُعتّمُ
- فِصاحٌ غداة الروع عزّ سكوتهم
- وألسنة الأغماد عنهم تُتَرجِمُ
- كأن بأيديهم إذا ضربوا الطلى
- عزائمَهُمْ، لو أنَّها تتجسّمُ
- إذا ما استوَى فِعْلُ المنايا وفعلُهُمْ
- بأرواح أبطالِ الوغى فهمُ همُ
- أعاريبُ ألقى في نتيجات حَيّهِمْ
- لهم أعوجٌ ما يوجفون وشَدْقَم
- صحبتهم في موحشِ الأرضِ مُقفرٍ
- به الذئبُ يعوي والغزالة ُ تَبْغم
- سقى الله عيناً عذبة الدمع أن بكتْ
- حظاراً بها للجسم قلبٌ متيم
- بلادٌ تلاقيني الدّراريّ كلّما
- طلعنَ عليها وهي عنهنّ نَوّم
- بأرضٍ يُميتُ الهمَّ عنك سرورها
- ويمحو ذنوبَ البؤس فيها التنعّمُ
- وكم لي بها من خلّ صدقٍ مساعدٍ
- مُهينِ العطايا، وهو للعِرْضِ مكرم
- يَفَيضُ على أيدي العفاة ِ سماحة ً
- على أنَّهُ من نَجْدَة ٍ يَتَضَرّمُ
- إذا فرّتِ الأبطال كرّ، وسيفه
- يُحِلّ بيمناه دمَ العلج، محرم
- يموجُ به بحره كأنَّ حبابَهُ
- عليه دلاصٌ سردها منه يحكم
- ونحن بنو الثغر الذين ثُغُوُرُهُمْ
- إذا عبَسَتْ حربٌ لهم تَتَبَسّمُ
- ومن حَلَبِ الأوداج يُغْذى فطينا
- بِحَجْرٍ من الهيجاءِ ساعة َ يُفْطمُ
- لنا عَجُزُ الجيشِ اللّهامِ وَصَدْرُهُ
- بحيثُ صدورُ السّمْرِ فينا تُحَطَّمُ
- يضاعفُ إن عُدّ الفوارسُ عَدُّنا
- كأنَّ الشجاعَ الفردَ فينا عرَمرَم
- نؤخرُ للإقدامِ في كل ساقة ٍ:
- تأخرُ ما يلقى الحتوفَ تَقَدُّم
- فإن كان للحرب العوان مُعوَّلٌ
- علينا فما كلّ الكواكب تَرْجم
- وتنسجُ يوم الرّوعِ من نسج جردنا
- علينا ملاءً بالقشاعم ترقم
- فمن كلّ مقدامٍ على أعوجية ٍ
- بكراتها طيرُ الملاحم تلحم
- وطائرة ٍ بالذّمْرِ ملء عنانها
- لها الفضلُ في شأو البروق مُسلَّم
- رمينا عداة َ الله في عُقْرِ دارهم
- بعادية في غمرة الموت تُقْحَمُ
- تعومُ بها من بين العُلُوجِ مُظِلّة ً
- كما حلّقَتْ فُتْخٌ على الجوّ حُوّم
- فمن حاملٍ من غير فحلٍ يُنيخُها
- إذا وضعتْ في ساحل الروم صيْلَمُ
- ومنسوبة ٍ للحرب مُنْشأة ٍ لها
- طوائرُ بالآسادِ في الماءِ عُوّم
- كأنَّ قسيّاً في مواخرها الّتي
- يُفَرَّقُ منها في المقادم أسهمُ
- وترسلُ نِفْطاً يركبُ الماءَ مُحْرِقاً
- كُمهلٍ به تشوى الوجوه جهنم
- مدائنُ تغزو للعلوجِ مدائناً
- فتفتحُ قسرا بالسيوف وتَغْنَمُ
- ومتّخذي قُمْصِ الحديد ملابساً
- إذا نكلَ الأبطال في الحرب أقدموا
- كأنهم خاضوا سراباً بقيعة ٍ
- ترى للدّبا فيها عيوناً عليهمُ
- صَبَرْنَا لهمْ صَبْرَ الكرام ولم يَسُغْ
- لنا الشهد إلاَّ بعدما ساغَ علقم
- فغادَر أفواهاً بهم هبرُ ضربنا
- نواجذُها من مرهفاتٍ تُثَلَّم
- وإنَّ بأيدينا الحديدَ لناطقٌ
- إذا ما غدا في غيرها، وهو أبكم
- وأجنحة ُ الراياتِ فينا خوافقٌ
- كأنَ دمَ الأبطال فيهنّ عدمُ
- أمِنْ أبرقٍ بالدرار أوْمَضَ بارقٌ
- كطائِشِ كفّ بالبنان يُسَلّم
- مَرَى من عيونٍ ساهرات مدامعاً
- وكحّلَها بالنُّورِ والليلُ مظلم
- فيا عجَبَا من زورة ٍ زارَ طيفُها
- جفُوناً من التهويمِ فيها تَوَهّم
- ألمّ بساقي عبرة ٍ حدَّ قفرة
- بِمِنْسَمِ حرفٍ كلما بُلَ يُلْطَم
- وأهدى أريجاً من شذاها ودونها
- لمقتحمِ الأهوال سهبٌ وخضرم
- وللصبح نورٌ في الظلامِ كما اكتسى
- حميماً بطولِ الركضِ في الصدرِ أدهم
- أحنّ إلى أرضي التي في تُرابِها
- مفاصلُ من أهْلي بَلينَ وأعظمُ
- كما حنّ في قَيْدِ الدجى بمُضِلة ٍ
- إلى وطنٍ عودٌ من الشوق يُرْزِم
- وقد صَفِرَتْ كَفّايَ من رَيّقِ الصبا
- ومني ملآن بذكرِ الصبا فم
المزيد...
العصور الأدبيه