الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> بِحُكمِ زمانٍ يا لَهُ كيفَ يحكمُ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- بِحُكمِ زمانٍ يا لَهُ كيفَ يحكمُ
- يُحرّمُ أوطاناً علينا فَتَحْرُمُ
- لقد أركبتني غربة ُ البين غربة ً
- إلى اليوم عن رسم الحمى بي تَرسمُ
- إذا كلّ عني من سنا الصبح أشهبٌ
- تناول حَمْلي من دُجَى الليل أدهم
- وتحسبُهُ يرتاضُ في غَرْسِ حمله
- وَيُسْرَجُ فيه للركوب ويُلجَم
- لكلّ زمانٍ واعظٌ، وعظُهُ كما
- يَخُطّ كلاماً بالإشارة أبكم
- وحادٍ رَمى بالعيسِ كلّ مُضِلّة ٍ
- كأن عليه مَجْهَلَ الفيح مَعْلَم
- وقد نحرتْ في كلّ شرق ومغرب
- عليها نُحور البيد في العزم أسْهَمُ
- وأوجفَ حوليها الكماة ُ ضوامرا
- فلا سُنْبٌكٌ إلا يساويه مِنْسَم
- فمن راكبٍ يأتي به الخصب بازلٌ
- ومن فارسٍ يَصْلَى به الحربَ شيظم
- فإن تسرِ في ليلٍ وجيشٍ فإنها
- سفائنُ برٍّ بين بحرين عُوّم
- وصيدٍ يصيدون الفوارسَ بالقنا
- إذا نكلَ الأبطالُ في الروعِ أقدموا
- ويستطعمون السّمر والبيضَ إنها
- نيوبٌ وأظفار بها الأسد تطْعَمُ
- دعتهمْ بروقٌ بالأكفّ مشيرة ً
- إليهم، وعينٌ عَرْفُهَا يتنسّم
- عصَا شملهم شُقّتْ فشرّق مُنجدٌ
- إلى طيّة ٍ منهم، وغرّبَ مُتْهِم
- وما قَدَّ قَدَّ السير بالطول سَيرَهم
- ولكنما المنقدّ قلبي المتيم
- طَوَى البعدُ عنا، فانطوينا على الجوى
- نواعمَ تشقي بالنعيم، وتنعم
- دعونا نساير حادياً قادَ نحوها
- مسامعَنا منه الحداءُ المُنَغَّم
- فما هذه الأحداجُ إلاّ قلوبُنا
- حبائبنا فيها سرائر تُكْتَمُ
- بنفسيَ من حورِ المها غادة ٌ لها
- فمٌ عن شديدِ الخوف بالصمتِ مُلجَم
- ينمّ عليها طيبُ ريَّا كلامِها
- فيدري غيور أنصها تتكلّم
- أُرَجِّعُ بالشوقِ الحنينَ وإنَّما
- يهيجُ حنيني عَوْدها حين يُرْزِمُ
- قد سَفَرَتْ في تُوضَحٍ فَتَوَضّحَتْ
- مسالكهُ للسفر، والليلُ مظلمُ
- ومرّت على سِقْطِ اللوى فتساقطتْ
- دموعٌ عليها، دُرَّها لا ينظَّم
- وقد ضرّجتْ ثوبي لدى عينِ ضارجٍ
- عليّ جفونٌ، ماؤها بالأسى دمُ
- معاهدُ مازال امرؤ القيس بينها
- يُعبّرُ عن عهدِ الهوى ويترجمُ
- تَوَهّمْتِها حُلْماً بها فذكرتُها
- وقد يذكرُ الإنسانُ ما يَتَوَهّمُ
- وإني لآوي من زمانٍ لبستهُ
- إلى ذِكَرٍ تأسو فؤادى وَتَكْلُم
- لياليَ تسبي اللبّ منه سبيئة ٌ
- تناولها من كافرِ القلبِ مُسلم
- سلافة كرمٍ ليس يسخو بمثلها
- لغيرِ فتى تَحْظَى لديه وَتُكْرم
- يُطافُ بها في حُمْرّة ِ الوردِ جوهراً
- له عرضٌ وهو السرورُ المُحرَّمُ
- يسيغُ فمي في شِدّة ِ السكر صِرْفَها
- وما فرحة ٌ في السمع إلا الترنّمُ
- فلله عمرٌ مرّ بي فكأنني
- به في جنانِ الخُلدِ قد كنتُ أحلمُ
- لياليَ روضُ العيشِ غضّ وماؤهُ
- نميرٌ، ومنقوضُ الشبيبة ِ مُبْرَم
المزيد...
العصور الأدبيه