الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> أيّ نَعِيمٍ في الصِّبَا والمُقْتَرَحْ >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- أيّ نَعِيمٍ في الصِّبَا والمُقْتَرَحْ
- وشغلُ كفَّيّ بكوبٍ وقَدَحْ
- فلا تلمني إنَّني مُغْتَنِمٌ
- من السرور في زماني ما منحْ
- فإنَّهُ مُسْتَرْجَعٌ هِبَاتِهِ
- وباخلٌ من الصِّبَا بما سَمَحَ
- وسقني من قهوة كاساتها
- تُسرج في الأيدي مصابيح الصبح
- لو شمّها صاحٍ عَسيرٌ سُكرُهُ
- تحتَ لثامٍ في فدامٍ لَطَفَحْ
- ولا تسوّفني إلى ترويقها
- لا يَشْتوي اللّيثُ إذا اللّيثُ ذَبَحْ
- حتى أقول زاحفاً من نشوتي
- يَحْسنُ بالتزحيف بيتُ المنسرح
- ومالىء ٍ زقاً وكاه مردياً
- سَمَ الأسَى مِنْهُ بدُرْياقِ الفَرَحْ
- وجاثمٍ بَينَ النَّدَامي تَرْتَوِي
- أشباحُهُمْ منه بما يَرْوَى شَبَحْ
- كأنَّما رَدّتْ عليه روحَهُ
- سُلافه الراح فإن مُسّ رمحْ
- غضّ الصِّبا كأنَّما حديثُهُ
- يمازج النَّفسَ بأنفاسِ الملح
- حلّ وكاءً شدّهُ عن مُدْمَجٍ
- طَلّ دَمَ العنقودِ منه وسفح
- حتى إذا ما صب منه رَيّقاً
- سدّ على ذوبِ العقيقِ ما فتح
- ترى نجيع الزقّ منه راشحاً
- كأنَّهُ من وَدَجِ الليلِ رَشَح
- مدامة ٌ للروح أختٌ برة ٌ
- يَنْأى بها سرُورُنا عن التَرَحْ
- قد عَلمَتْ مزاجَ فَشُرْبُها
- يَجْرَحُهُ ثُمّتَ يَأسُو ما جَرَح
- وتجعل القار الذي باشرها
- في اللدن مسكاً للعرانين نفحْ
- يحجب جسمُ الكاسِ من سعيرها
- نفحاً عن الكاسِ ولولاه نفح
- والشمسُ منها في نقاب غيمها
- مخافة ً من نورها أن تفتضح
- يومٌ كأنَّ القَطْرَ فيهِ لؤلؤٌ
- يَنْظمِ للرّوْضِ عُقودا وَوُشَح
- يَقدحُ نارا من زِنادِ بَرْقِهِ
- ويطفىء الغيث سريعاً ما قدحْ
- لمَّا جَرَتْ فيهِ الصِّبا عَليَلة ً
- رقّ الهواءُ فيه للنفس وصحّ
- كأنَّما الكافورُ نَثْرُ ثَلْجِنا
- أو نَدَفَ البُرْسَ لنا قوسُ قزح
- حتى علا الجوَّ دجى ً لم يغتبق
- فيه الثرى من الحيا كما اصطبح
- غرابُ ليل فوقنا محلّقٌ
- يقبض عنّا ظلّهُ إذا جنح
- وقد محا صبغَ الدّياجي قمرٌ
- دينارهُ في كفّه الغربِ رجحْ
- حتى إذا رَدَّ حُدا عَدوّهِمْ
- من كان في وادي الرّقادِ قد سَرَح
- نَبّهَ ذا هَذا وكلٌّ طَرْفُهُ
- يلمحُ طرفَ الشكرِ من حيثُ لمح
- يسألُ في تَقْوِيمٍ جيدٍ مائلٍ
- لم يسامحْ في الحمْيّا لَسمَحَ
- أضارِبٌ كفّيه يَشدو سَحَرا
- أم نافضٌ سقطيه فيه قد صَدَح
- نَبَّهَ للقهوَة ِ كلّ طافح
- في مصرعِ السكر قتيلاً مطّرَح
- من كل جذلان كأن رُوحَهُ
- عن جسمه من شدة السكر نزح
- إن الذي شحّ على إيقاظه
- سامحَ في الشهبِ نداماه فشحْ
- وجاءنا الساقي بصحنٍ مفعمٍ
- لو شاء أنْ يَسْبحَ فيه لسَبَح
- يا لائمي في الراح كم سيئة ٍ
- تَجاوَزَ الغَفارُ عنها وصَفَح
- ماذا تريد من سبوقٍ كلما
- رُمتَ وقوفاً منه باللوم جَمَح
- أغشٌ خلقِ اللهِ عند ذي هوى
- من عرض الرشد عليه ونصح
- حتى إذا فكّر عَنْ بصيرة ٍ
- ذمّ مِنَ الأفعالِ ما كان مَدَح
المزيد...
العصور الأدبيه