الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> عبد الجبار بن حمديس >> أوميضُ البرقِ في الليل البهيم >>
قصائدعبد الجبار بن حمديس
- أوميضُ البرقِ في الليل البهيم
- أم أياة ُ الشمس في كأس النديم
- فتلقّ الرَّوحَ من ريحانة ٍ
- حَيّتِ الشَّربَ بها راحة ُ ريم
- عُصرتْ والدهرُ يومٌ مفردٌ
- كقسيمٍ لم تجزهُ بقسيم
- جُنِيَتْ أعْنابُها مِنْ جَنَّة ٍ
- نُقلتْ منها إلى حرّ الجحيم
- فلبُوسُ النارِ فيها سكة ٌ
- حَكمتْ للشَّربِ منها بالنعيم
- كفَّ حكمُ الماءِ منها سورة ً
- تُسكرُ الصاحيَ منها بالشّميم
- وكأنَّ الكأسَ تاجٌ كُلّلَتْ
- جنباتٌ منه بالدّرّ النظيم
- وقواريرُ حبابٍ سبحتْ
- من سُلافِ الكرم في ماءٍ كريم
- فَهِيَ الدّرْياقُ مِنْ سَمّ الأسى
- حيثُ لا يشفيكَ درياق الحكيم
- أقْبِلَتْ تَسعَى بها خُمْصَانَة ٌ
- عمّ منها حُسنها خلقاً عميم
- كلما قامت تثنى خلعَتْ
- ميلَ التيه على خوطٍ قويم
- سِحرُ هاروتٍ وماروتٍ بها
- في فُتُورِ اللحظِ واللفظِ الرّخيم
- تودعُ الكفّ شهاباً محرقاً
- كلّ شيطانٍ من الهمّ رجيم
- في ظلام بَرَقَ الصبحُ له
- فتولّى عنه إجفالَ الظليم
- وحَكَتْ جَوْزاؤهُ ساقِيَة ً
- بنطاقٍ شُدّ في خَصْرِ هضيم
- وكأنَّ الشّهْبَ كاساتٌ لها
- شاربٌ في الغرب للشّرْبِ مديم
- وكأنَّ الصبحَ كفّ أُخْرِجَتْ
- لك من جَيْبِ ابنِ عمرانَ الكليم
- وكأنَّ الشرقَ فيه رافعٌ
- حُجباً عن وجه يحيى بن تميم
- مَلكٌ في الملك يبدي فَخرهُ
- جَوْهَرا في حَسَب المجدِ الصّمِيم
- ذائدٌ بالسيف عن دينِ الهدى
- سالكٌ فيه سراطاً مستقيم
- أحلَمُ الأملاكِ عن ذي زَلّة ِ
- سَبَقَ، السَيفَ له عَذْلُ الحليم
- وسليمُ العرضِ تلقى مالهُ
- أبداً من بذلهِ غيرَ سليم
- ذو إباءٍ من عذاه ناقمٌ
- ورؤوفٌ برعاياه رحيمْ
- من أزاح الفقر إذ أسدى الغنى
- وأباحَ الوفرَ إذ صانَ الحريم
- من له طيبُ ثناءٍ أرِجٌ
- راحلٌ في مِقْولِ الدّهْرِ مقيم
- مَنْ له القِدحُ المُعَلّى في العلى
- فائزٌ في الملكِ بالحظّ العظيم
- مُنْعِمٌ، نبتُ مغانيه الغنى
- أفلا يعدم فيهنّ العديم
- لم تزلْ تُرضِعُ أخلافَ الندى
- يدهُ العافين مذْ كان فطيم
- ماءُ نعماهُ نميرٌ لا صَرى ً
- ومُنَدّاهُ خصيبٌ لا وخيم
- لا جمودُ القَطْرِ في المحل ولا
- خُلّبُ البرق بِعَيْنِيْ مَنْ يَشيم
- كم له من حجة ٍ بالغة ٍ
- في لسانِ السيفِ تودي بالخصيم
- يَعْمُرُ الحرْبَ بجيشٍ أرضُهُ
- من دمِ الأعداءِ حمراءُ الأديم
- روحهُ، فالذِّمْرِ للذِّمرِ غريم
- وكأنَّ الشمسَ من قَسْطَلِهِ
- فوقهُ تنظرُ من طرفٍ سقيم
- دُقّ فيه السّمْرَ طعناً وَثَنى
- ورقَ الفولاذِ بالضرب هشيم
- كيفَ لا يُفنى عِداهُ في الوغى
- ملكٌ يغدو له الموتُ خديم
- كم فلاة ٍ دونه يدفعها
- سُنْبُكُ العدو إلى خفّ الرسيم
- لابن آوى وَسْطَها وَعْوَعَة ٌ
- تُوحِشُ الإنسَ، وللبومِ نئيم
- وعظيم الهولِ لولا آية ٌ
- لم يكُنْ راكبُهُ إلاَّ أثيم
- لم تزل عيني أو أذني به
- تُؤذنُ القلب بخوفٍ لا ينيمْ
- قد جمعتُ العزمَ ما بينهما
- بالسّرَى والنجم بالليل البهيم
- ووردتُ النِّيلَ من نَيْلِ يدٍ
- تَرْتَوي الآمالُ منها وهي هيم
- يا أبا الطاهر جَدَّدْتَ على
- ثني أزمانِ العلى المُلْكَ القديم
- لستَ كالبحرِ فمِلْحٌ ماؤهُ
- لا ولا كالليثِ، فالليثُ شتيم
- بل حباكَ الله بأساً وندى ً
- خُلُقاً منك على أكْرم خِيمْ
المزيد...
العصور الأدبيه