الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> حيدر بن سليمان الحلي >> يا نعش ما يصنع الفصيحُ؟ >>
قصائدحيدر بن سليمان الحلي
- يا نعش ما يصنع الفصيحُ؟
- لم أدرِ ماذا به يبوح
- وأيُّ معنى ً إليه يغدو
- في وصف معناكِ أو يروح؟
- هل فلكٌ أنتِ من علاه
- إليه طرف السهى طموح؟
- وقد جرت زهرة ُ المعالي
- فيه لغربٍ هو الضريح
- أو أنتِ نعش به مسجّى ً
- جسمٌ لجسم العفاف روح
- مناسب الفخر شيعته
- والحسبُ الخالص الصريح
- سرى على الأرض حاملوه
- وهو بأفق السما يلوح
- وخلفه والهٌ ثكولٌ
- امُّ العلى دمعها سفوح
- تطارح الورقَ وهي تدعو
- علىم ورقُ الحمى تنوح؟
- ما هي والوجد تدّعيه؟
- قلبي لا قلبها الجريح
- تضمُّ أضلاعُها حشاها
- ولي حشاً ضمَّها الضريح
- في طلحِها إلفُها، وإلفى
- عن وطني شخصها طليح
- أصمَّ فيها النعيُّ سمعي
- مذ جاء من فارسٍ يصيح
- تلك المفداة ُ ساورتها
- شكيَّة ٌ ما لها نزوح
- فلم تمرض بذات قربى
- لها بشكوى الضنى تبوح
- حتى قضت، حيث ما عليها
- في غربة البين من ينوحُ
- نعم بكت بقعة ٌ تصلّي
- فيها وشهبُ السما جنوح
- وانتحب الكاتبان إذ قد
- فاتهما وردُها الصحيح
- فليغتد اليوم كلُّ خدرٍ
- أعمادٌ أسجافه تطيح
- فربَّة ُ الاحتجاب أضحت
- حجابُها اللحد والضريح
- قد غاض ماءُ الحياء يندى
- به ثرى ً نشرُه يفوح
- توسدت والعفاف فيه
- يضمُّه حبيبُها النصيح
- شلَّت أكفُّ الزمان ماذا
- من حرم المجد يستبيح
- إليه دبَّ الضِراء لمّا
- أبدى بأن جاء يستميح
- واغتال محجوبة بخدرٍ
- يحوطها السؤددُ الصريح
- والعزُّ عنه يذلُّ ما لا
- يذبّه الفارس المشيح
- ومن أبى المصطفى حماه
- في منعة ما لها مبيح
- ذاك الذي راحتاه كلٌّ
- على الورى ديمة ٌ دلوح
- بالطبع مستحلبٌ نداه
- إن حلب الغاديات ريح
- كأنَّ منها البنانَ ضئرٌ
- يرتضع الدهرُ ما تميح
- مستعذَبٌ جودُه المرّجى
- مباركٌ وجهه الصبيح
- تقرأ في الوجه منه هذا
- خاتم أهل الندى المنوح
- لا يشتري الحمدَ بالعطايا
- إذ كان من حقه المديح
- لكنه مذ نشا إلى أن
- من شيبه استكمل الوضوح
- يتاجر اللهَ كلَ يومٍ
- بما حوتْ كفُّه السموح
- حتى لقال الورى جميعاً
- هذا هو المتجرُ الربيح
- كم ريض للناس فيه أمرٌ
- صعبٌ على غيره جموحُ
- ينشق طيبُ الفخار محضاً
- من عطف عليائه يفوح
- أغرُّ يلقى الوفودَ طلقاً
- والعامُ في وجهه كلوح
- إن ناضل الخصمَ ردَّ فاه
- مع أنه الناطقُ الفصيح
- لسانه ميّتٌ مسجّى ً
- والفم منه له ضريح
- ما هو إلا خضمُّ علمٍ
- منه ذوو العلم تستميح
- بل هو عنوانُ كل فضلٍ
- وهم جميعاً له شروح
- ونيّرٌ في سماء مجدٍ
- بنوه شهبٌ به تلوح
- يا من غدا ربعهم وفيه
- أمُّ الردى منتجٌ لقوح
- ومن صفات الوقار تمتت
- فيهم ومنها الحجى الرجيح
- تلك التي عنكم استقلَّت
- عيسُ المنايا بها تسيح
- طوبى لها جاورت ضريحاً
- عن جاره ربُّه صفوح
- واضطجعت في حمى ضجيعٍ
- حميّه آدمٌ ونوح
المزيد...
العصور الأدبيه