قصائدحيدر بن سليمان الحلي



يا خليليَّ وأيامُ الصبا
حيدر بن سليمان الحلي



  • يا خليليَّ وأيامُ الصبا

  • حلباتٌ فانهضا نستبقِ

  • خَلعت خيلُ التصابي عذرَها

  • فَرِدَا فيها بحزوى غدرَها

  • واقنصا بين الخزامى عفرَها

  • فاتَ فيما قد مضى أن تطربا

  • فخذا حظّكما فيما بقي

  • إنّ أيامَ الصِبا في مذهبي

  • لأخي الشوقِ دواعي الطربِ

  • فعلى جلوة ِ بنتِ العنبِ

  • أو على نرجس أحداق الظِبا

  • غنّياني، من لصب شيّق

  • زال عنّي يا نديميَّ الوَصبْ

  • أقبلَ النورُ ولي فيه أَرب

  • أبرز الأنفاءَ في زيّ عَجب

  • ومن الوشيِ كساها قُشُبا

  • حُللَ السندسِ والاستبرقِ

  • وشحَّ الطلُّ عروسَ الزهرِ

  • بسقيطِ اللؤلؤ المُنحدر

  • ثم حيّاها نسيمُ السَحر

  • وَجلاها فوق كرسيّ الرُبا

  • لمعُ برقٍ من ثنايا الأَبرق

  • أَعرسَ الروضُ بنوّارٍ حلا

  • عندليبُ الأَيكِ فيهِ هَلهَلا

  • رقص القطرُ فغنَّى وعلى

  • منبرِ الأغصانِ لمّا خطبا

  • عقدَ البانَ وقال اعتنقي

  • في ربيعٍ بالتهاني زَهَرا

  • فرشَ الأرضَ بهاراً بَهرا

  • ودَنانيراً عليها نَثَرا

  • بيد الوسميِّ ليست ذهبا

  • بل خدودُ الجلّنارِ المونقِ

  • كم شقيقٍ قد جلى عن نظرة ٍ

  • من بياضٍ مُشربٍ في حمرة ٍ

  • ومن الريحانِ كم مِن وفرة ٍ

  • رفرفت ما بين أنفاسِ الصَبا

  • فوق قدٍّ من قضيب مُورق

  • وعلى خدٍّ من الوردِ بدا

  • صدغُ آسٍ بلَّه طلُّ الندى

  • في رياضٍ غضَّة ٍ فيها غدا

  • ضاحكاً ثغرُ الأقاحي عَجَبا

  • وبها النَرجِسُ ساهي الحدقِ

  • في الرياحين يطيب المجلس

  • لبني اللهوِ وتحلو الأكؤُسُ

  • نُزَهٌ تَرتاحُ فيها الأنفسُ

  • لمدامٍ عتّقوها حُقبا

  • ونديمٍ ناشىء ذي قُرطُقِ

  • بين سمطي ثغرِه للمستلَذ

  • خمرة ٌ لم يعتَصِرها مُنتَبذ

  • إن تغنّى هَزَجاً قلتُ اتخذ

  • مِعبداً عبداً وبعه إن أبى

  • وعلى إسحاقَ بالنعل إسحقِ

  • ذي دلالٍ يتكفّى غَنَجا

  • فاقَ أنفاسَ الخزامى أرَجا

  • كلَّما شَعتها تحتَ الدُجى

  • خلتُه أوقد منها لَهبا

  • كاد أن يحرِقَ ثوب الغسق

  • أيها المخجلُ ضوءَ القمرِ

  • حرِّك الشوق بجسِّ الوتر

  • فإلى ريقك ذاك الخَصِر

  • طربَ الصبُّ فزده طربا

  • بغنى ً يصبي ذوات الأطوق

  • واجلها وجنة َ خدٍّ أشرِبت

  • ماءَ وردِ الحسنِ حتى شرقت

  • وبكأَسٍ من ثناياك حَلَت

  • عاطنيها خمر ريقٍ أعذبا

  • من جنى النحلِ وربّ الفلق

  • كم ليالٍ بال

  • كم ليالٍ مُبيضة ٍ

  • نعّمتنا بفتاة ٍ غضّة ِ

  • صيغ حسناً نحرها من فضة ٍ

  • وهي تلويه وشاحاً مُذهبا

  • فوق خصرٍ مثلُه لم يُخلَق

  • ذاتُ خدٍّ وردُه للمقتطِف

  • عقرب الصِدغِ عليه تَنعطِف

  • وعلى فرشٍ من الجعدِ تَرِفُ

  • طالما العاشقُ منها قلّبا

  • حلوة َ المرشَفِ والمعتَنق

  • حيّها عاقدة َ زِنّارَها

  • كم قَضت مِن صبِّها أوطارَها

  • ودعت في خِدرِها مَن زارَها

  • لبني الأتراكِ أفدي العَرَبا

  • فظُباهم خدرُها لم يُطرِق

  • لو تَطيقُ العربُ من إشفاقِها

  • حمت الطيف على مُشتاقِها

  • وغواني التركِ مع عُشّاقِها

  • كلَّما مدَّ الظلامُ الغَيهبا

  • كم لها في مَضجعٍ من عَبَق

  • من عذيري من غُزالٍ ثملِ

  • ثعلي الجِفن لا من ثعل

  • راش بالأهدابِ سهمَ المُقلِ

  • لو رمى من حاجب فيمن صبا

  • حاجباً راح بقوسٍ غلق

  • يا خليليَّ على ذكرِ المُقلِ

  • خلتُما همت وَمن يسمعَ يَخل

  • لا وما في الرأسِ من شيبي اشتَعل

  • إنّما كان غرامي كَذِبا

  • وحديثي في الهوى لم يَصدِق

  • إن ريعانَ الشباب النظرِ

  • وطرُ العمرِ وعمرُ الوَطرِ

  • فخذا غيدَ الطلى عن بَصري

  • فاتني العشق وفي عصرِ الصِبا

  • خسرت صفقة ُ من لم يَعشق

  • كان ذياك السوارُ المنقلِب

  • شافعاً عند العذارى لم يَخِب

  • فأتى الشيبُ ولي قلبٌ طَرِب

  • فبماذا أبتغي وصل الظِبا

  • ولها عندي بياضُ المِفرق

  • وعظ الحُلُم فلبَّاه النُهى

  • ونهى جهلَ التصابي فانتهى

  • فبِما راع بفوديَّ المَها

  • خبَّراها، إنَّ طرفي قد نبا

  • عنكِ يا ذاتَ المحيا المُشرق

  • قد وهبنا لسُلَيمى قدَّها

  • وعلى اللثمِ وفرَنا خدّها

  • بَردُ الشوقُ فعفنا بردَها

  • واقتبلنا فرحة ً قد أعربا

  • حسنُها عن جدّة ِ لم تخلقِ

  • إن في عرسِ الحسينِ ذي النهى

  • حيّز الكون جميعاً قد زهى

  • وبهاءُ الغرب للشرقِ انتهى

  • يبهجَ العينَ ويجلو الكُرُبا

  • وإلى الغرب بهاءُ المشرق

  • بشّر الدينَ به أنَ سَيلد

  • مَن حُبا الدينِ عليهم تَنعقد

  • والمعالي هنِّها أن ستَجد

  • منه في أفقِ شناها شُبها

  • وهو بين الشهب بدرُ الأُفق

  • فله الأملاكُ لمّا عَقَدوا

  • كلُّهم لله شِكراً سَجَدوا

  • وعلى المهديِّ طُرّاً وفدوا

  • ثمَّ هنَّوهُ وقالوا: لاخبا

  • نورُ هذا الفرحِ المؤتلقِ

  • يا صَبا البشرِ بنشرٍ رَوِّحي

  • شيبة َ الحمدِ وشيخَ الأبطحِ

  • وعلى الهادي بريّاكِ انفحي

  • ولأنفِ المرتضى والنُقَبا

  • ولدِه عَرفَ التهاني أنشقي

  • وعلى الفيحاء زهواً عرّجي

  • وانقلي فيها حديث الأرج

  • وانشري وسطِ حِماها المُبهج

  • لا عن الشيح ولا عودِ الكبا

  • بل عن المهديّ طيبَ الخُلقِ

  • مَن به الدينُ الحنيفيُّ اعتضد

  • والهدى فيه اكتسى عزّ الأبد

  • جدَّ في كسبِ المعالي واجتهد

  • وسواه يَستجيدُ للَقبا

  • فوق فرشٍ حفَّها بالنمرقِ

  • ضَمنَ الفخرَ بمُثنى بُردهِ

  • ووطى الشهبَ بعالي جَدِّه

  • كان نصفاً لو أعادي مجدهِ

  • كلَّما حلّت لمرآه الحُبا

  • رفعت نعلَيه فوقَ الحُدقِ

  • نَشَرَ المطويَّ عمَّن سَلَفوا

  • فطوى مَن نَشرتهُ الصُحفُ

  • أينَ منهُ وهو فينا الخَلفُّ

  • إنّه أعلمُ ممّن ذَهَبا

  • من ذوي الفضلِ وأعلى من بقي

  • يا بن مَن قد عُبِدَ الله بهم

  • ولهم من سَلَّم الأمرَ سلِم

  • إن أنفاً أن مدحناك رُغم

  • ليتَه ما شمَّ إلاّ التُربا

  • أو أطاحته مُدَى معترقِ

  • لكَ لا مُدَّت من الدهرِ يدُ

  • فلأَنتَ الروحُ وهو الجسدُ

  • وهو الباعُ وأنت العضدُ

  • كم ألنّا بكَ منهُ المنكبا

  • بعدما كان شديد المِرفَقِ

  • تزدهي الأمجادُ في آبائِها

  • وتباهى الصيدَ من أكفائِها

  • ونرى هاشمَ في عَليائِها

  • أنت قد زيَّنتَ منها الحسبا

  • فاكتسى منكَ بأبهى رَونقِ

  • فالورى شخصٌ بجدواك كما

  • أصبحت في مدحك الدُنيا فما

  • لو بتقريضِك أفنى الكَلِما

  • لم يصف معشارَ ما قد طَلِبا

  • من معانيك لسانُ المُفلِق

  • دارك الدنيا وأنتَ البشرُ

  • ولك الوِردُ معاً والصَدَرُ

  • وبتعليمك جادَ المطرُ

  • فالورى لو كفرت منك الحَبا

  • لكَفى شكرُ الغمامِ المغدق

  • هي أرضٌ فيها مَلِكُ

  • أم سماءٌ أنتَ فيها مَلَكُ

  • دارُ قدسٍ يتمنى الفَلكُ

  • لو حوى ممّا حوته كوكبا

  • ولها كلُّ نجومِ الأُفق

  • كلُّ ذي علم فمنهم ستمد

  • وإليهم كلُّ فضلٍ يستَند

  • وبتطهيرُهم الله شهد

  • حَنق الخصمُ فقلنا: اذهبا

  • عنهمُ الرجسَ لأهلِ الحنقِ

  • حسدت شمسُ الضحى أمَّ الهدى

  • فتمنَّت مثلَهم أن تَلدا

  • وابنُها البدرُ لهم قد سجدا

  • وحياءً منه مهما غَرُبا

  • ودَّ من بعد بأن لم يشرق

  • كلُّهم جعفرُّ فضلٍ من يَرد

  • خُلقَه العذب ارتوت مِنه الكَبد

  • أَبداً في الوجهِ منه يطّرد

  • ماءُ بشرٍ من رآه عَجبا

  • كيف قد رقَّ ولمّا يُرق

  • ففداءً لمحيّاه الأغر

  • أوجهٌ تُحسبُ قُدَّت من حجر

  • أين هم من ذي سماحٍ لو قدر

  • وعلى قدرِ عُلاهُ وهبا

  • وهبَ المغربَ فوق المشرق

  • لا تفقه والورى في حلبة ٍ

  • فلقد بان بأعلى رتبة ٍ

  • ولئن كانَ وهم من منبتٍ

  • فالثرى يُنبتُ ورداً طيباً

  • وصريماً ليس بالمنتشق

  • جاء للمجدِ المًعلّى صالحاً

  • بحرَ جودٍ بالمزايا طافحا

  • فغدا فكريَ فيه سابحا

  • يُبرز اللؤلؤَ عِقداً رَطبا

  • والعُلى تَلبَسهُ في العنق

  • فرعُ مجدٍ كرمت أخلاقه

  • فكستها طيبَها أعراقُه

  • يهجر الشهدَ لها مشتاقُه

  • لو بكأَسِ الدهر منها سكبا

  • ثمل الدهرُ ولمّا يَفِقِ

  • وَرِعٌ أعمالهُ لو وزّعت

  • في الورى عنها الحدودُ ارتفعت

  • أو بتقواه الأنامُ ادَّرعت

  • لَوَقَهَّا في المعادِ اللَّبها

  • أو لنارٍ لهبٌ لم يُخلَق

  • بأبي القاسم قد حلَّت لنا

  • راحة ُ الأفراحِ أزرارَ المنة

  • لم يُزنه بل به زين الثنا

  • أُفحِمَ المُطري فكنَّى مُغرِبا

  • إذا رأى ذكرَ إسمه لم يُطَقِ

  • بالحسينِ استبشروا آلَ الحسب

  • وابلغوا في عُرسِه أسنى الأرب

  • ولكم دام مدى الدهرِ الطرَب

  • بختان الطيبينَ النجبا

  • خَيرِ أغصانِ العلاء المُعرِق



أعمال أخرى حيدر بن سليمان الحلي



المزيد...

العصور الأدبيه



ماذا يجب أن تعرف عند شراء شقتك؟