الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> حيدر بن سليمان الحلي >> إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ >>
قصائدحيدر بن سليمان الحلي
- إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ
- سرتْ بتحيات المشوقِ النسائمُ
- تحاكمنَ في دعوى التفوُّق بالشذا
- إليك وكلٌ طيباتٌ نواعم
- ولا مدّعِ عنّي سوى خالص الهوى
- ولا شاهدٌ إلا العلى والمكارم
- وأغلبُ ظني أن خلقكَ للتي
- حكتْ طيبه وهي التحيات حاكم
- أما وأيادٍ أوجب المجدُ شُكرَها
- بها لم تنبْ عن راحتيكَ الغمائم
- لأنتَ الذي منه تردُّ أمورنا
- إلى عالمِ ما فوقه اليوم عالم
- إلى قائمٍ بالحق داعٍ إلى الهدى
- له الله عما يكره الله عاصم
- إلى خير أهل الأرض بِراً ونائلاً
- وأكرم مَن تثني عليه الأكارم
- منارُ هدى ً لولاه لاغتدت الورى
- بمجهل غيٍّ ضمّها وهو قاتم
- وسيف هدى ً يمحو الضلالة حدُّه
- ويثبت منه في يد الدين قائم
- وعار من الآثام عفَّ ضميره
- وكأسٌ من التقوى من الذكر طاعم
- وجدناه ما يأتي الزمان بمثله
- وهل تلد الأيامُ وهي عقائم
- فتى ً أظهر الله العظيم جلاله
- وليس لما قد أظهر الله هادم
- وشادَ برغم الحاسدين علاءه
- وليس لما قد شاده الله هادم
- وذو هيبة ٍ لو أُشعر الليثُ خوفها
- وأردفها أخرى فكانت عظيمة ً
- تهون لديها في الزمان العظائم
- فصابرتها في الله وهي عظيمة ٌ
- أقيمت لها فوق السماء المآتم
- وحزتَ ثواباً لو يقسَّم في الورى
- لحطتْ به في الحشر منها الجرائم
- فأنت لعمري أصلبُ الناس كلها
- قناة َ عُلى لم تستلنها العواجم
- وأوسع أهل الأرض حلماً متى تضقْ
- لدى الخطب من أهل الحلوم الحيازم
- عنت لك أهلُ الكبرياء وقبّلتْ
- ثرى نعلك الحساد والأنف راغمُ
- نرى علماء الدين حتفاً تتابعوا
- وحسب الهدى عنهم بأنك سالم
- فأنت بهذا العصر للخير فاتحٌ
- وأنت به للعلم والحلم خاتم
- وأنت لعمري البحرُ جوداً ونائلاً
- وأنملك العشرُ الغيوث السواجم
- فيا منفقاً بالصالحات زمانه
- فداً لك من تفنى سنيه المآثم
- بقيتَ بقاءً لا يحدُّ بغاية ٍ
- وأنت على حفظ الشريعة قائم
- ولو قلتُ عمر الدهر عمَّرتَ خلتَني
- أسأتُ مقالي ذلك الدهر خادم
- تنبّه لي طرفُ التفاتك ناظراً
- إليَّ وطرف الدهر عنّي نائم
- فأدعو لنفسي إن أقل دم لأنني
- تدوم لي النعما بأنك دائم
- فما أنا لولا روض خلقِك رائدٌ
- ولا أنا لولا برقُ بشرِك شائم
- من القول لم يلفظه بالفكر ناظم
- فرائدُ من لفظٍ عجبتُ بأنني
- أبا عذرها ادعى وهن يتائم
- ومدره قولٍ يغتدي ولسانه
- لوجه الخصوم اللد بالخزى واسم
- ينال بأطراف اليراع بنانه
- من الخصم ما ليست تنال اللهاذم
- فأقلامه حقاً قنا الخط لا القنا
- وآراؤه لا المرهفات الصوارم
- حمى الله فيه حوزة الدين واغتدت
- تصانُ لأهل الحق فيه المحارم
- فيا منسياً بالجود معناً وحاتماً
- ألا إن معنى ً من معانيك حاتم
- محياكَ صاحٍ يمطر البشرَ دائماً
- وكفَّك بالجدوى لراجيك غائم
- وتخفض جنحاً قد سما بك فارتقى
- إلى حيث لا بالنسر تسموا القوادم
- تدارك فيه الله أحكامَ ملة ٍ
- قد أندرست لولاكَ منها المعالم
- ألا إن عينَ الدين أنت ضياؤها
- وأنت لها من عاثر الشرك عاصم
- شهدتُ لأهل الفضل أنك خيرُهم
- شهادة َ مَن لم تتبعه اللوائم
- وأنك ظلُ الله والحجة التي
- تدين لها أعرابها والأعاجم
- وعندك جودٌ يشهد الغيثُ أنه
- هو الغيث لا ماجدنَ فيه الغمائمُ
- يطبُّ به الأعداء والداء معضلٌ
- وترقى به الأيام وهي أراقم
- سبقتَ لتفريج العظائم في الورى
- فحزتَ ثناها واقتفتك الأعاظم
- وصادمت الجُلى حشاك فلم يكن
- ليأخذَ منها خطبُها المتفاقم
- فلو لم يكن من رقة ٍ قلتُ مقسماً
- لقد قرع الصلدَ الملُّم المصادم
- وبالأمس لما أحدث الدهرُ نكبة ً
- إلى الآن منها مدمعُ الفضل ساجم
- تلقيتَها بالحلم لا الصدرُ ضائقٌ
- وإن كبرتْ فيه ولا القلب واجم
المزيد...
العصور الأدبيه