الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> الهبل >> أتدري منْ تخرمتِ المنونُ >>
قصائدالهبل
أتدري منْ تخرمتِ المنونُ
الهبل
- أتدري منْ تخرمتِ المنونُ
- ومن أرقتْ لمصرعهِ العيون
- ومنْ ذا أثقل الأعناقَ حملاً
- وخفَّ لحزنه العقلُ الرصين
- ومنْ ملأَ القلوبَ أسى ً وحزناً
- فكلُّ فتى ً لمصرعهِ حزينُ
- وَمنْ في جنة ِ الفردوسِ أضحى
- لديهِ الظلُّ والماء المعينُ
- وأيّ هلالُ أفقٍ غاب عنهُ
- وكان لأفقهِ أبداً يزينُ
- أتدري يا زمانُ بمنْ دهتنا
- صروفكَ ؛ أنك الزمنُ الخؤونُ
- وأنكَ بالذي أحدثتَ فينا ..
- جديرٌ أن تساءَ بكَ الطنونُ ؛
- لئنْ كدرتَ من عيش البرايا
- فمبدأ خلقهم ماءٌ وطينُ ؛ .
- هوى البدرُ الذي قد كان حقا
- به نورُ الهداية ِ مستبينُ ؛
- هوى الجبلُ الذي قد كان يأوي
- إليه الملتجي والمستكينُ
- مضى القرم الذي قد كان ذخراً
- تناطُ بهِ الحوائجُ والشؤونُ ؛
- فأيّ سحاب دمعٍ ليسَ يهمي
- وأيّ حصاة قلبٍ لا تلينُ
- وليسَ يردّ سهمَ الموتِ درعٌ
- مزردة ٌ ولا حصنٌ حصينُ
- سقيتَ الغيث قبراً حلّ فيه
- تقى ً وعلى ً وإيمانٌ ودينُ ؛
- ثوى فيكَ الذي ما كان يلفى
- له في كلّ مكرمة ٍ قرينُ ؛
- رجعنا عن ثراهُ بجيشِ حزنٍ
- له في كلًّ جارحة ٍ كمينُ
- وأجرينا جيادَ الصبر عنه ؛
- ولكن شوط مرزئه بطينُ .
- فيا لكَ ميتاً قد بانَ عنا
- تكادُ لبينهِ الأحشا تبين ؛
- وآهِ لطولِ بعدكَ من حبيبٍ
- وهلْ يجدي التأوهُ والحنينُ
- وَوَالهفي عليكَ وقد تدانى
- خروجُ الروح وانقطع الأنينُ
- وأسكنتَ التراب برغم قومٍ
- محلكَ في قلوبهم مكينُ . .
- يكادُ النوم أنْ يغشى الأماقي
- فتلفظه لذكراك الجفونُ ؛
- أهنا إذْ دفنتَ عقودَ دمعٍ
- مخبأة ً لغيركَ لا تهونُ ؛ .
- وكلفنا الجوانحَ عنكَ صبراً
- فقالتْ لا قرار ولا سكونُ ؛
- وخانتنا بكَ الأيام لكنْ
- بحسنِ الصبر بعدك نستعينُ .
- وكيفَ الصبر عنكَ أو التسلي
- جميلُ الصبرِ بعدكَ لا يكونُ ؛
- فهلْ يدري سريرك منْ علاهُ
- علاهُ العلمُ أجمعُ واليقينُ ؛
- وهل يدري ضريحكَ من تغشى
- ومن وهو تحتَ تربته دفينُ
- قرنتَ بصالح الأعمال فيه
- وحسبك أنه نعم القرينُ ؛
- يعزُّ على العلوم نواكَ عنها
- وأنتَ لبحرها الطامي سفين
- هلالاً كنتَ غالتهُ الليالي
- وليثاً كنت أسلمهُ العرينُ ؛
- جعلتَ ودادَ أهلِ البيتِ ديناً
- لعلمك أنه الحبل المتينُ ؛
- ودنتَ بدينهم في كلَّ حالٍ
- وذاكَ لعمرك الحقّ اليقين
- وكنتَ من التشيع في محلٍ
- تسافر دونَ غايته العيون .
- فيهنيكَ القدوم على كريم
- خزائنُ ملكه كافٌ ونونُ ؛
- ويهنيكَ الدعاء نجوتَ عبدي
- فعفوي لا تكدره الظنونُ ؛
- ويهنيكَ ادخاركَ خير كسبٍ
- إذا الجاني بمكسبهِ رهينُ ؛
- وأخذك للصحيفة ِ يوم حشرٍ
- إذا انتدبتْ لتأخذها اليمينُ ؛
- سأنظمُ فيكَ ما يعلو ويغلو
- ويرخص عنده الدرُّ الثمينُ ؛
- وأسقي تربَ قبركَ غيثَ دمعٍ
- يقصر دونه الغيث الهتونُ
- فمثلكَ ما سمعنا في البرايا
- ولا قد كان قطّ ولا يكون ؛
- عليكَ صلاة ُ ربك بعد طه
- وعترته فأنتَ بها قمينُ .
المزيد...
العصور الأدبيه