الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن هانئ الأندلسي >> حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ >>
قصائدابن هانئ الأندلسي
- حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
- وبالأسِنّة ِ والهِنْدِيّة ِ القُضُبِ
- لأنْتَ ذا الجيشُ ثمّ الجيشُ نافلَة ٌ
- وما سِواكَ فَلغْوٌ غيرُ محْتسَبِ
- ولو أشرْتَ إلى مصرٍ بسَوطكَ لمْ
- تحوجك مصرٌ إلى ركض ولا خببِ
- ولوْ ثنَيْتَ إلى أرضِ الشآمِ يداً
- ألقَتْ إليك بأيدي الذل من كثَبِ
- لعلّ غيركَ يرجو أن يكونَ له
- عُلُوُّ ذكركَ في ذا الجحفل اللّجِبِ
- أو أن يصرِّفَ هذا الأمرَ خاتمُهُ
- كما يصرِّفُ في جدٍّ وفي لعبِ
- هيهاتَ تأبَى عليهم ذاكَ واحدة ٌ
- أن لا تدورَ رحى ً إلا على قطب
- أنتَ السّبيلُ إلى مصرٍ وطاعتها
- ونُصْرَة ِ الدّين والإسلامِ في حلَب
- و أينَ عنكَ بأرضٍ سستها زمناً
- و ازدانَ باسمكَ فيها منبرُ الخطب
- ألستَ صاحبَ أعمالِ الصّعيدِ بها
- قِدْماً وقائِدَ أهْلِ الخَيْمِ والطُّنُبِ
- تَشوّقَ المشرِقُ الأقصى إليك وكمْ
- تركتَ في الغَرْبِ من مأثورة ٍ عَجَب
- و كمْ تخلّفُ في أوراسَ من سيرٍ
- سارت بذكرك في الأسماع والكتب
- وكان خِيساً لآسادِ العرين وقد
- غادرته كوجار الثعلبِ الخرب
- قد كنتَ تملأهُ خيلاً مضمَّرة ٍ
- يحْمِلنَ كلّ عتيدِ البأسِ والغضَب
- وأنتَ ذاك الذي يَدوي الصعيدَ كأنْ
- لم تَنْأ عن أهْلهِ يوماً ولم تغِبِ
- كن كيفَ شئتَ بأرضِ المشرقينَ تكن
- بها الشّهابَ الذي يعلو على الشّهب
- فأنتَ من أقطعَ الأقطاعَ واصطنعَ الـ
- معروفَ فيها ولم تظلم ولم تحب
- فسرْ على طرقكَ الأولى تجدْ أثراً
- من ذيل جيشك أبقى الصخر كالكثبِ
- و نفحة ً منك في إخميمَ عاطرة ً
- مسكيّة ً عبقتْ بالماء والعشبِ
- فلا تَلاقَيتَ إلاّ مَن ملكْتَ ومنَ
- أجرتَ من حادث الأيّامِ والنُّوبِ
- ولا تَمُرُّ على سِهْلٍ ولا جَبَلٍ
- لم تُرْوِهِ من نَدى ً أو من دمٍ سَرِبِ
- أرضاً غَنِيتَ بها عِزّاً لمُغتصَبٍ
- سيراً لمكتسبٍ مالاً لمنتهب
- فما صفا الجوُّ فيها منذُ غبتَ ولا
- له انفراجٌ إلى حيّ من العربِ
- وقَلّ بعدَك فيهم من يُذَبِّبُ عن
- جارٍ ويدفعُ عن مجدٍ وعن حَسَبِ
- فإنْ أتَيْتَهُمُ عن فَترَة ٍ فهُمُ
- كما عهدتهمُ في سالفِ الحقب
- إذ تجنبُ الحصنَ الجردَ العتاقَ بها
- وإذ تُصَبّحُ أهلَ السّرجِ والجلَب
- و تخضبُ الحلقَ الماذيّ من علقٍ
- كأنما صاغها داودُ من ذهب
- إذِ القبائلُ إمّا خائفٌ لكَ أو
- راجٍ فمن ضاحكٍ منهم ومنتحب
- فحلّة ٌ قد أجابت وهي طائعة ٌ
- و قبلها حلّة ٌ عاصت ولم تجبب
- فتلكَ ما بينَ مستنٍّ ومنتعشٍ
- و هذه بين مقتولٍ ومنتهب
- فكم ملاعبِ أرماحٍ تركتَ بها
- تدعو حلائله بالويل والحرب
- و كم فتى كرمٍ أعطاكَ مقودهُ
- فاقتادَ كلُّ كريم النفسِ والنسبِ
- إن لا تقد عظمَ ذا الجيش اللهام فقد
- شاركتَ قائدَهُ في الدَّرّ والحَلَبِ
- فالنّاسُ غيرَك أتباعٌ له خَوَلٌ
- وأنتَ ثانيه في العَليا من الرّتب
- أيّدتهُ عضداً فيما يحاولهُ
- وكُنتُما واحداً في الرأي والأدب
- فليسَ يسلكُ إلاّ ما سلكتَ ولا
- يسيرُإلاّعلى أعلامكَ اللُّحبِ
- فقد سَرَى بسِراجٍ منك في ظُلَمٍ
- وقد أُعينَ بسَيْلٍ منك في صبَبَ
- جَرَيتُما في العلى جَريَ السواء معاً
- فجئتُما أوَلاً والخَلقُ في الطّلَبِ
- و أنتما كغراريْ صارمٍ ذكرٍ
- قد جُرّدا أو كَغربَي لهذَمٍ ذَرِبِ
- وما أدامَتْ له الأيامُ حَزمَك أو
- عاداتِ نصرك في بدءٍ وفي عقب
- فليسَ يعيا عليه هولُ مطّلعٍ
- وليس يَبعُدُ عنه شأوُ مُطّلَب
المزيد...
العصور الأدبيه