الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن نباتة المصري >> سقاك وحياك الحيا أيها القبر >>
قصائدابن نباتة المصري
- سقاك وحياك الحيا أيها القبر
- وفاضت على مغناك أدمعه الغزر
- وزارت ثراك الطهر سحبٌ وفية
- لدى المحل حتى يجمع الطهر والطهر
- تجود بسقياها على جدث العلى
- وان كان في أرجائه البحر والبر
- امام تقى ً للملك في رأيه هدى
- وصدر عليً لله في أمره سر
- فقدناه مشكور المساعي منزهاً
- عن الوزر ان أودى بذي تربة وزر
- فلهفي على آرائه البيض أحوجت
- اليها الرماح السمر والعذب الصفر
- ولهفي على أقلامه السود اوحشت
- اليها السيوف الحمر والنعم الخضر
- سلام على الانشاء بعد فراقه
- سلام امرىء ٍ أمسى لأدمعه نثر
- عليك ابن فضل الله شقت جيوبها
- فضائل في طيّ البلاد لها نشر
- رحلت فألقى رحله كل قاصد
- وقطع من أسبابه بعدك الشعر
- وكانت بك الأوقات فجراً ولا دجى
- فأمست دجى لما انقضيت ولا فجر
- وليس بقفر ما سكنت وانما
- أرى كل مغنى ً لست فيه هو القفر
- مضيت غنياً عن سواك موقراً
- وللدين والدنيا اليك إذا فقر
- كأنك لم تنفع ولياً ولم تضر
- عدوًّا ولم تحمدك في أزمة ٍ سفرُ
- ولم بغز ذو الأملاك مغمدة الظبا
- بجيش من الآراء يقدمه النصر
- ولم تنضَ في الأعداء كتباً جلية ً
- سواء بها صف الكتيبة والسطر
- ولم تخف أسرار الملوك اذا ارتمت
- اليك ولم يفسح لمقدمك الصدر
- ولم تلق أعباء الأمور ولم يجل
- يراعاً ولم يذعن لك النهيُ والأمر
- بلى كنت تحمي الناس من كيد دهرهم
- فكادك موتورٌ وقد يدرك الوتر
- جزيت عن الاسلام خيراً فطالما
- خبا شررٌ عنه بعزمك أو شر
- أفاض الدجى حزناً لباسَ حداده
- عليك وحارت في مطالعها الزّهر
- ولم لا وقد أحييت ذاك تهجداً
- وكم كثرت هاتيك أوصافك الغرّ
- وكم قاصدٍ يبكي عليك وقاصدٍ
- فهذا له بشرٌ وهذا له أجر
- فلا يبعدنك الله من مترحلٍ
- له العزة ُ القعساء والسؤدد الدثر
- يودّ العدى لو بلغوا ما بلغته
- وكان لهم من عمرك العشر لا الشطر
- عزاءً عليه اليوم يحيى ببيته
- وصبراً صلاح الدين قد صلح الصبر
- ألا إنها الأيام من شأنها الرّضا
- اذا احتكمت يوماً ومن شأنها الغدر
- وما الناس إلا راحلٌ إثر راحلٍ
- إذا ما انقضى عصرٌ بدا بعده عصر
- تبدت لدى البيدا مطايا قبورهم
- ليعلمَ أهلُ العقل أنهم سفرُ
- عجائب تعيي الناظرين وحكمة ٌ
- ممنعة ٌ قد زل من دونها الفكر
- وغاية أهل البحث والفحص قولهم
- هو الرزق يمضي وقته وهو العمر
- بحقك قل لي أين من طار ذكره
- فأصبح في كل البقاع له وكرُ
- وأين ابن فضل الله ذو الرتب التي
- عنت لسناها الشمس أو قصر البدر
- مضى وبحقّ أن يقال له مضى
- فقد كان عضباً في الأمور له إثر
- سقى عهده المشكور عنا ولا غدا
- معانيه عفوٌ لابكيٌّ ولا نزر
- وأكرم به من صائمٍ متخشعٍ
- تولى فأمسى في الجنان له فطر
المزيد...
العصور الأدبيه