الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن نباتة المصري >> برغميَ أن غاض الندى بكماله >>
قصائدابن نباتة المصري
- برغميَ أن غاض الندى بكماله
- فلم يبق الا زورة من خياله
- والا دموع من جفون كأنها
- تردّ على مثواه فيض نواله
- أسفت لبدرٍ بانَ عنه محمد
- فبان بمعنى حسنه وجماله
- وولى كما ولى السحاب مودعاً
- وفي كل روضٍ نفحة من سجاله
- وزال وقد أبقى جواهر بحره
- ومات وقد أحيى مناقبَ آله
- ألا في سبيل الله مصرع ماجد
- تزيلت العلياء مثل زواله
- فقدناه فياض المكارم واللهى
- يشفّ ضياء المجد بين خلاله
- لئن قصرت أيدي الحوادث بعده
- لعهدي بها مغلولة بنكاله
- بروحيَ وصاح الصفات كأنما
- طبعن دراري الحسن بعد خصاله
- أما والذي أنشأ أياديه والحيا
- لقد فقد الظمآن صفو زلاله
- وقد زال من أفق الأثير عن الورى
- سنا كوكبٍ تسهو السها لمناله
- فمن للعلى يهدي سبيل رشادها
- ومن للرجا يمحو ظلام ضلاله
- و من ليراع قد أفاض مداده
- وجرّ من الأطراس ذيل خياله
- و من لخطوط غاب بدر كمالها
- فهلاّ فداه الخط بابن هلاله
- و من لمعانٍ في المهارق تجتلى
- بحلي وجوه الخود بين حجاله
- إلى الله اشكو يوم فقدك انه
- رمى كل عقل ناشطٍ بعقاله
- و قوس من ثقل الرزية أظهراً
- فلا غرو أن أصمى الحشا بنباله
- بكاك فقير رافع لك قصة
- نصبت على التمييز كسرة حاله
- و ممتدح لهفان يسألك الغنى
- أجرت معاني مدحه بسؤاله
- و مطلب كان ارتحالك قبله
- فعطلت الأيام شدّ رحاله
- و عصر حلا جملت مرآه برهة
- وخلفته ينعي أتمّ رجاله
- كأنك لم تنهض باعباء دولة
- تكلف سعي الدهر فوق احتماله
- كأنك لم تحمل يراعاً تمرها
- وتعضدها في سلمه وصياله
- و من عجب مقدار فرع يراعة
- وقد وسع الدنيا بفيء نواله
- كأنك لم تبسط بنان مؤمل
- يمين غوادي المزن دون شماله
- و ما هي الاهمة لك أنفذت
- وصاة رسول الله عند بلاله
- فأنفقت ما أحرزت بالبذل ذخره
- وما ذخر مال المرء غير ابتذاله
- عزاء العلى عن راحل بيد الردى
- وكلّ مقيم مؤذن بارتحاله
- و ما الدهر الاخيط فجر وليله
- يجران من شخص الفتى بانتقاله
- و اني وان احسنت سلوة فاقدٍ
- لمضمر شجوٍ مثخن بنصاله
- أينفذ عني الحزن بعد محمد
- وما استنفذت كفي نوافل ماله
- أأنسى له في كل جدب غمائماً
- تحثّ على رغم الحيا ومطاله
- أأنسى له في كل درج قلائداً
- منظمة من رفده ومقاله
- سأبكيه ما لاح الظلام بظلمه
- وابكيه ما ناخ الحمام بضاله
- و ما أنا الا بالجميل مطوق
- أولى أسى لا كنت أن لم أواله
- صدحت له بالمدح عند لقائه
- وهذا أوان النوح عند زواله
المزيد...
العصور الأدبيه