الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن معتوق >> مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ >>
قصائدابن معتوق
مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ
ابن معتوق
- مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ
- فصدرُ العلى منْ قلبهِ بعدهُ صفرُ
- وغيبَ منهُ في الثرى نيرُ الهدى
- فغادرتْ ذكاءُ الدين وانكسفَ البدرُ
- وماتَ الندى فلترثهِ ألسنُ الثنا
- وليثُ الوغى فلتبكهِ البيضُ والسّمرُ
- فَحَقُّ الْمَعَالِي أَنْ تَشُقَّ جُيُوْبَهَا
- عليهِ وتنعاهُ المكارمُ والفخرُ
- هُوَ الْمَاجِدُ الْوَهَّابُ مَا فِي يَمِينِهِ
- هُوَ الْعَابِدُ الأَوَّابُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ
- هُوَ الْحُرُّ يَوْمَ الْحَرْبِ تُثْنِي حِرَابُهُ
- عليهِ وفي المحرابِ يعرفهُ الذّكرُ
- فَلاَ تَحْسَبَنَّ الدَّهْرَ أَهْلَكَ شَخْصَهُ
- ولكنّهُ في موتهِ هلكَ الدّهرُ
- فلو دفنوهُ قومهُ عندَ قدرهِ
- لجلَّ ولو أنَّ السّماكَ لهُ قبرُ
- وما دفنهُ في الأرضِ إلا لعلمنا
- بِهِ أَنَّهُ كَنْزٌ لَهَا وَلَنَا ذُخْرُ
- وما غسلهُ بالماءِ إلا تطوعاً
- وَإِلاَّ فَقُوْلاَ لِي مَتَى نَجُسَ الْبَحْرُ
- فَتى ً يُوْرِدُ الْهِنْدِيَّ وَهْوَ حَدِيْدَة ٌ
- ويصدّقُ فيهِ وهوَ منْ علقٍ تبرُ
- فَهَلْ لِفُرُوْضِ الدِّينِ وَالنَّفْلِ حُرْمَة ٌ
- وصاحبهُ المعروفُ والجودُ والبرُّ
- تعطّلتِ الأحكامُ بعدَ وفاتهِ
- وضاعتْ حدودُ اللهِ والنهيُ والأمرُ
- يعزُّ على المختارِ والصّنوِ رزؤهُ
- لعلمها في أنّهُ الولدُ البرُّ
- فَغَيْرُ مَلُومٍ جَازِعٌ لِمُصَابِهِ
- ففي مثلِ هذاالخطبِ يسيتقبحُ الصّبرُ
- أجلُّ بني المهديِّ لو أنّهُ ادّعى
- وقالَ أنّهُ المهديُّ وازرهُ الخضرُ
- كريمٌ كأنَّ اللهَ أخّرَ موتهُ
- لِيَكْسِبَ فِيْهِ الأَجْرَ مَنْ فَاتَهُ بَدْرُ
- فَكَيْفَ رِيَاضُ الْحُزْنِ يَبْسِمُ نَوْرُهَا
- وَتَرْجُو حَيَاة ً بَعْدَ مَا هَلَكَ الْقَطْرُ
- وَكَيْفَ نُرَجِّي أَنَّ لِلَيْلِ آخِراً
- وَفِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ قَدْ دُفِنَ الْفَجْرُ
- فأيُّ عظامٍ في ثراهُ عظيمة ٍ
- تَجِلُّ وَعَنْ إِرْثَائِهَا يَصْغُرُ الْشِّعْرُ
- نصلّيْ عليها وهيَ عنا غنيّة ٌ
- ولكنّنا فيها لنا يعظمُ الأجرُ
- وَنُثْنِي عَلَيْهَا رَغْبَة ً فِي ثَنَائِهَا
- لِيَعْبَقَ فِي الأَفْوَاهِ مِنْ طِيْبِهَا عِطْرُ
- ترفّعنَ عنْ قدرِ المراثي جلالة ً
- وعنْ أدمعِ الباكيْ ولو أنّها درُّ
- فَمَنْ لِلْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ بَعْدَهُ
- وَمِمَّنْ نَرَجِّي النَّفْعَ إِنْ مَسَّنَا الضُّرُّ
- كَأَنَّ الْوَرَى مِنْ حَوْلِهِ قَبْلَ بَعْثِهِمْ
- دَعَاهُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ فِي يَوْمِهِ الْحَشْرُ
- لئنْ غدرتْ فيها اللّيالي فإنّها
- بكلِّ وفيِّ العهدِ شيمتها الغدرُ
- وَمَا ضَرَّهَا لَوْ أَنَّهَا فِي عَبِيْدِهِ
- مِن الْخَلْقِ يُفْدَى ذلِكَ السَّيِّدُ الْحُرُّ
- سرتْ نسمة ُ الرّضوانِ نحوَضريحهِ
- ولا زالَ فيها منْ شذا طيبهِ نشرُ
- وفي ذمّة ِ الرّحمنِ خيرُ مودّعٍ
- أقامَ لدينا بعدهُ الوجدُ والفكرُ
- تناءى فللدّنيا عليهِ وأهلها
- بُكَاءٌ وَحُزْنٌ وَالْجِنَانُ لَهَا بِشْرُ
- دعتهُ لوصلِ الحورِطوبى فزارها
- ولمْ يدرِ فيمنْ بعدهُ قتلَ الهجرُ
- فلا يشمتِ الحسّدُ فيهِ فإنّهُ
- سَتَرْغَمُهُمْ بِالْمَوْتِ أَبْنَاؤُهُ الْغُرُّ
- لَئِنْ سَلِمَتْ أَبْنَاؤُهُ وَبَنُوهُمُ
- فَوَيْلُ الْعِدَا وَلْيَفْرَحَ الذِّئْبُ وَالنَّسْرُ
- فُرٌوعٌ تَسَامَتْ لِلْعُلاَ وَهْوَ أَهْلُهَا
- فطابتْ وفي أفنانها أثّرَ الشكرُ
- مُلُوكٌ زَكَتْ أَخْلاَقُهُمْ فَكَأَنَّهُمْ
- حدائقُ جناتٍ وأخلاقهمْ زهرُ
- كأنَّ عليّاً بينهمْ بدرُ أربعٍ
- عشرٍ أضاءتْ حولهُ أنجمٌ زهرُ
- إِذَا مَا عَلِيٌّ كَانَ فِي الْمَجْدِ وَالْعُلاَ
- سَلِيْماً فَلاَ زَيْدٌ يَقُولُ وَلاَ عَمْرُو
- يَهُونُ عَلَيْنَا وَقْعُ كُلِّ مُلِمَّة ٍ
- إذا كانَ موجوداً وإنْ فدحَ الأمرُ
- أمولايَ هذا عادة ُ الدهرِ في الورى
- وليسَ بهِ خيرٌ يدومُ ولا شرُّ
- فعذراً لما يجنيهِ فيكمْ فكمْ وكمْ
- لَهُ عِنْدَكُمْ مِنْ قَبْلُ فَادِحة ٌ وتْرُ
- عسى اللهُ يجزيكَ الثوابَ مضاعفاً
- ويعقبُ عسرَ الأمرِ منْ بعدهِ يسرُ
- وَيُلْهِمُكَ الصَّبْرَ الْجَمِيْلَ بِفَضْلِهِ
- ويمتدُّ في الحظِّ السعيد لكَ العمرُ
المزيد...
العصور الأدبيه