الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> هل النّداءُ، الذي أعلنتُ، مُستَمَعُ؛ >>
قصائدابن زيدون
هل النّداءُ، الذي أعلنتُ، مُستَمَعُ؛
ابن زيدون
- هل النّداءُ، الذي أعلنتُ، مُستَمَعُ؛
- أمْ في المِئاتِ، التي قدَّمتُ، مُنتَفَعُ؟
- إنّي لأعجبُ منْ حظٍّ يسوِّفُ بي،
- كاليأسِ من نيلِه، أن يجذبَ الطمعُ
- تأبَى السّكونَ إلى تَعلِيلِ دهرِيَ لي،
- نفسٌ إذا خودعتْ لم ترضِها الخدَعُ
- ليسَ الرّكونُ إلى الدّنيا دَليلَ حِجًى ،
- فإنّها دُوَلٌ، أيّامُهَا مُتَعُ
- تأتي الرّزايا نظاماً من حوادِثِهَا،
- إذِ الفَوائِدُ، في أثْنَائِهَا، لُمَعُ
- أهلُ النّباهة ِ أمثالي لدهرِهمُ،
- بقَصرِهمْ، دون غاياتِ المُنى ، وَلَعُ
- لولا بنو جهورٍ ما أشرقَتْ همَمي،
- كمِثْلِ بِيضِ اللّيالي، دُونَها الدُّرَعُ
- همُ الملوكُ، ملوكُ الأرضِ دونهمُ،
- غِيدُ السّوالِفِ، في أجيادِها تَلَعُ
- من الوَرَى ، إنْ يَفوقوهمْ، فلا عجبٌ،
- كذلكَ الشّهرُ، منْ أيّامِهِ، الجمعُ
- قومٌ، متى تحتفلْ في وصفِ سؤدَدِهم
- لا يأخذِ الوصفُ إلاّ بعضَ ما يدَعُ
- تَجَهَّم الدّهرُ، فانصَاتَتْ لهُمْ غُرَرٌ،
- ماءُ الطّلاقة ِ، في أسرارِها، دفعُ
- باهتْ وجوهُهُمُ الأعراضَ من كرمٍ؛
- فكلّما راقَ مرأى ً طابَ مستمعُ
- سروٌ، تزاحمُ، في نظمِ المديح لهُ،
- محاسِنُ الشِّعرِ، حتى بَينها قُرَعُ
- أبو الوليدِ قدِ استوفَى مناقبِهُمْ،
- فللتّفاريقِ منْهَا فيهِ مجتمعُ
- هوَ الكريمُ، الذي سنّ الكرامُ لهُ
- زُهْرَ المَساعي، فلَمْ تَستهوِه البِدَعُ
- من عترة ٍ أوهمَتْهُ، في تعاقُبِها،
- أنّ المكارمَ، إيصاءً بها، شرعُ
- مهذَّبٌ أخلصَتْهُ أوّليّتُهُ،
- كالسّيفِ بالغَ في إخلاصِهِ الصَّنَعُ
- إنّ السّيوفَ، إذا ما طابَ جَوْهرُها،
- في أوِّل الطّبعِ، لم يعلَقْ بها طبعُ
- جذلانُ يستضْحكُ الأيّامَ عن شيمٍ،
- كالرّوْضِ تَضْحَكُ منه في الرُّبى قِطَعُ
- كالبارِدِ العَذْبِ، لذّتْ، من مَوارِدِه
- لشاربٍ غبَّ تبريحِ الصّدى ، جرعُ
- قلْ للوزيرِ، الذي تأميلُهُ وزرِي،
- إنْ ضاقَ مضطربٌ، أوْ هالَ مطّلعُ
- أصخْ لهمسِ عتابٍ، تحتَهُ مقة ٌ،
- وَكلّفِ النّفْسَ منها فوقَ ما تَسَعُ
- ما للمتَابِ، الذي أحصفتَ عقدَتَهُ،
- قد خامرَ القلبَ، من تضْييعه، جزعُ؟
- لي، في الموالاة ِ، أتباعٌ يسرّهُمُ
- أنى لهُمْ، في الذي نِجزَى به، تَبَعُ
- ألستُ أهلَ اختصاصٍ منكَ، يلبسُني
- جَمالَ سِيماهُ؟ أمْ ما فيّ مُصْطَنَعُ؟
- لم أوتِ في الحالِ، من سعيي لديك، ونى ً
- بلْ بالجدودِ تطيرُ الحالُ أوْ تَقعُ
- لا تستجِزْ وَضْعَ قدرِي بعد رَفْعِكَهُ،
- فاللَّهُ لا يَرْفَعُ القَدر الذي تَضَعُ!
- تقدّمَتْ لكَ نعمى ، رادَها أملي،
- في جانِبٍ، هوَ للإنْسانِ مُنتَجَعُ
- ما زالَ يونقُ شكرِي في مواقِعِها
- كالمُزْنِ تونِقُ، في آثارِهِ، التُّرَعُ
- شكرٌ، يروقُ ويرضي طيبُ طعمته،
- في طَيّهِ نَفَحاتٌ، بَينَها خِلَعُ
- ظنّ العِدا، إذْ أغبّتْ، أنّها انقطعتْ؛
- هَيهاتَ ليسَ لِمدّ البَحرِ مُنقطَعُ
- لا بأسَ بالأمرِ، إنْ ساءتْ مبادئُهُ
- نفسَ الشّفيقِن إذا ما سرّتِ الرُّجَعُ
- إنّ الأُلَى كنتُ، من قبل افتضاحِهمِ،
- مثلَ الشّجا في لهاهُم، ليس يُنتَزَعُ
- لم أحظَ، إذْ همْ عِداً، بادٍ نِفاقُهمُ،
- إلاّ كما كنتُ أحظَى ، إذْ همُ شيعُ
- ما غاظهمْ غيرُ ما سيّرْتُ من مدَحٍ،
- في صَائِكِ المِسكِ من أنفاسِها فَنَعُ
- كَمْ غُرَّة ٍ لي تَلَقّتْها قُلُوبُهُمُ؛
- كمَا تلقّى شهابَ الموقِدِ الشّمَعُ
- إذا تأمّلتَ حُبْي، غِبَّ غَشّهِمِ،
- لم يَخفَ من فَلَقِ الإصْباحِ مُنصَدِعُ
- تلكَ العرانينُ، لم يصلُحْ لها شممٌ،
- فكانَ أهونَ ما نِيلَتْ بهِ الجدَعُ
- أوْدَعتَ نُعماكَ منهمْ شرَّ مُغتَرَسٍ،
- لَن يَكرُمَ الغَرْسُ حتى تكرُم البُقعُ
- لقد جَزَتهُمْ جَوازِي الدّهرِ عن مِننٍ
- عفَتْ، فلم يثنهمْ، عن غمطها، ورعُ
- لا زالَ جدُّكَ بالأعداءِ يصرعُهُمْ؛
- إنْ كانَ بينَ جدودِ النّاسِ مصطرعُ
المزيد...
العصور الأدبيه