الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> هذا الصّباحُ، على سرَاكِ، رقيبَا، >>
قصائدابن زيدون
هذا الصّباحُ، على سرَاكِ، رقيبَا،
ابن زيدون
- هذا الصّباحُ، على سرَاكِ، رقيبَا،
- فَصلِي بِفَرْعِكَ لَيْلَكِ الغِرْبِيبَا
- ولدَيْكِ، أمثالَ النّجومِ، قلائدٌ،
- ألِفَتْ سَمَاءكِ لَبّة ً وَتَرِيبَا
- لِيَنُبْ عَنِ الجَوْزَاء قُرْطُكِ كْلّما
- جَنَحَت، تُحَثّ جَنَاحَها تَغْرِيبَا
- وإذا الوشاحُ تعرّضتْ أثناؤهُ،
- طلعَتْ ثريّا لمْ تكنْ لتغيبَا
- وَلَطَالَمَا أبْدَيْتِ، إذْ حَيّيْتِنَا،
- كفّاً، هيَ الكفّ الخضيبُ، خضيبَا
- أظنينَة ً ! دعوَى البراءة ِ شأنُهَا،
- أنتِ العدوّ، فلمْ دعيتِ حبيبَا؟
- ما بَالُ خَدّكِ لا يَزَالُ مُضَرَّجاً
- بدمٍ، ولحظُكِ لا يزالُ مريبَا؟
- لوْ شئتِ، ما عذّبتِ مهجة َ عاشقٍ
- مُسْتَعْذِبٍ، في حُبّكِ، التّعْذِيبَا
- وَلَزْرْتِهِ، بَلْ عُدْتِهِ، إنّ الهَوى
- مرضٌ، يكونُ لهُ الوصالُ طبيبَا
- مَا الهجرُ إلاّ البينُ، لولا أنّهُ
- لَمْ يَشْحُ فَاهُ بِهِ الغُرَابُ نَعِيبَا
- ولقدْ قضى فيكِ التّجلّدُ نحبَهُ،
- فَثَوَى وَأعْقَبَ زَفْرَة ً وَنَحِيبَا
- وأرى دموعَ العينِ ليسَ لفيضِهَا
- غَيْضٌ، إذا ما القَلبُ كانَ قَلِيبَا
- مَا لي وللأيّامِ، لجّ معَ الصِّبَا
- عدوانُهَا، فكَسَا العذارَ مشيبَا
- محقتْ هلالَ السّنّ، قبلَ تمامِهِ؛
- وذوَى بهَا غصنُ الشّبابِ رطيبَا
- لألمّ بي مَا لوْ ألَمّ بشاهقٍ،
- لانْهَالَ جَانِبُهُ، فَصَارَ كَثِيبَا
- فَلَئِنْ تَسُمْني الحَادِثَاتُ، فقد أرَى
- للجفنِ، في العضبِ الطّريرِ، ندوبَا
- وَلَئِنْ عَجِبْتُ لأنْ أُضَامَ، وَجَهوَرٌ
- نِعْمَ النّصِيرُ، لَقَدْ رَأيتُ عَجيبَا
- مَنْ لا تُعَدّي النّائِبَاتُ لجَارِهِ
- زَحْفَاً، وَلا تَمْشِي الضَّرَاء دَبِيبَا
- ملكٌ أطاعَ اللهَ منهُ موفَّقٌ؛
- مَا زَالَ أوّاباً إلَيْهِ مُنِيبَا
- يأتي رضاهُ معادياً وموالياً،
- ويكونُ فيهِ معاقباً ومثيبَا
- مُتَمَرِّسٌ بالدّهْرِ، يَقْعُدُ صَرْفُهُ
- إنْ قامَ، في نادي الخطوبِ، خطيبَا
- لا يوسمُ الرّأيُ الفطيرُ بهِ، وَلا
- يعتادُ إرسالَ الكلامِ قضيبَا
- تأبَى ضرائبُهُ الضُّروبَ نفاسة ً
- منْ انْ تقيسَ بهِ النّفوسُ ضريبَا
- بَسّامُ ثَغرِ البِشْرِ، إنْ عَقَدَ الحُبَا،
- فرأيْتَ وضّاحاً، هناكَ، مهيبَا
- مَلأ النّواظِرَ صَامِتاً، وَلَرُبَّمَا
- ملأ المَسَامِعَ سَائلاً ومُجِيبَا
- عِقْدٌ، تألّفَ في نِظَامِ رِيَاسة ٍ،
- نَسَقَ اللآلىء َ مُنْجِباً وَنَجِيبَا
- يَغْشَى التّجارِبَ كَهلُهُمْ، مُستغنياً
- بقَرِيحَة ٍ، هِيَ حَسْبُهُ تَجْرِيبَا
- وإذا دعوْتَ وليدَهُمْ لعظيمة ٍ،
- لَبّاكَ رَقْراقَ السّمَاحِ، أدِيبَا
- هممٌ تنافسُها النّجومُ، وقد تلا،
- في سؤدَدٍ منْهَا، العقيبُ عقيبَا
- ومحاسنٌ تندى رقائقُ ذكرِها،
- فتكادُ توهِمُكَ المديحَ نسيبَا
- كالآسِ أخضرَ نضرة ً، والوردِ أحمرَ
- بهجة ً، والمِسْكِ أذفرَ طيبَا
- وإذا تفنّنَ، في اللّسانِ، ثناؤُهُ،
- فَافْتَنّ، لَمْ يَكُنِ المُرَادُ غَرِيبَا
- غَالى بمَا فيهِ، فغيرُ مواقعٍ
- سَرَفاً، وَلا مُتَوقِّعٍ تَكْذِيبَا
- كان الوُشَاة ُ، وَقَد مُنيتُ بإفْكِهِمْ،
- أسباطَ يعقوبٍ، وكنتُ الذّيبَا
- وإذا المُنى ، بقبولِكَ الغضّ الجنى ،
- هُزّتْ ذَوَائِبُهَا، فَلا تَثْرِيْبَا
- أنا سيفك الصّدىء الذي مهما تشأ
- تُعِدِ الصّقَالَ إليه والتّذْ رِيبَا
- كمْ ضاقَ بي من مذهبٍ في مطلبٍ،
- فثنيْتَهُ فسحَ المجالِ، رحيبَا
- وزهَا جنابُ الشّكرِ حينَ مطرْتَهُ
- بِسَحَائِبِ النُّعْمَى ، فَرُدّ خَصِيبَا
المزيد...
العصور الأدبيه