الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> ما جالَ بعدكِ لحظي في سنَا القمرِ، >>
قصائدابن زيدون
ما جالَ بعدكِ لحظي في سنَا القمرِ،
ابن زيدون
- ما جالَ بعدكِ لحظي في سنَا القمرِ،
- إلاَّ ذَكَرْتُكِ ذِكْرَ العَيْنِ بِالأَثَرِ
- ولا استطلْتُ ذماء اللّيلِ من أسفٍ
- إِلاَّ عَلى لَيْلَة ٍ سَرَّتْ مَعَ القِصَرِ
- ناهيكَ مِنْ سَهَرٍ بَرْحٍ تَأَلَّفَهُ
- شوقٌ إلى ما انقضَى من ذلك السَّمرِ
- فليْتَ ذاكَ السّوادَ الجونَ متَّصلٌ،
- لو استعارَ سوادَ القلبِ والبصرِ
- أَمَّا الضَّنَى فَجَنَتْهُ لَحْظَة ٌ عَنَنٌ
- كأنّها والرّدَى جاءا على قدرِ
- فَهِمْتُ مَعْنَى الْهَوى مِنْ وَحْيِ طَرْفِكِ لي
- إِنَّ الحِوَارَ لَمَفْهُومٌ مِنَ الْحَوَرِ
- والصّدرُ، مذْ وردَتْ رفْهاً نواحيَهُ،
- تُومُ القَلائِدِ لَمْ تَجْنَحْ إِلَى صَدَرِ
- حسنٌ أفانينُ، لمْ تستوْفِ أعيُنُنا
- غاياتِهِ بأفانينٍ من النّظرِ
- واهاً لثغرِكِ ثغراً باتَ يكلؤهُ
- غيرانُ، تسرِي عوالِيهِ إلى الثُّغَرِ
- يَقْظَانُ لَمْ يَكْتَحِلْ غَمْضاً مُراقَبَة ً
- لِرابِطِ الجَأْشِ مِقْدامٍ عَلَى الغَرَرِ
- لا لَهْوُ أَيَّامِهِ الخالِي بِمُرْتَجَعٍ
- ولا نعيمُ ليالِيهِ بمنتظرِ
- إذْ لا التّحيّة ُ إيماءٌ مخالسة ً؛
- وَلا الزِّيارَة ُ إِلْمامُ عَلَى خَطَرِ
- منى ً، كأنْ لم يكنْ إلاّ تذكّرُها؛
- إِنَّ الغَرَامَ لَمُعْتَادٌ مَعَ الذِّكَرِ
- من يسألِ النّاسَ عن حالي فشاهدُها
- مَحْضُ العِيَانِ الَّذِي يُغْنِي عَنِ الْخَبَرِ
- لَمْ تَطْوِ بُرْدَ شَبَابي كَبْرَة ٌ وأرى
- بَرْقَ الِمَشِيبِ اعْتَلَى في عارِضِ الشَّعَرِ
- قَبْلَ الثَّلاثِينَ إذْ عَهْدُ الصِّبا كَثَبٌ
- وللشّبيبة ِ غصنٌ غيرُ مهتصرِ
- ها إِنَّها لَوْعة ٌ في الصَّدْرِ قادِحَة ٌ
- نارَ الأسَى ، ومشيبي طائرُ الشّررِ
- لا يهنىء ِ الشّامتَ، المرتاحَ خاطرُهُ،
- أَنِّي مُعَنَّى الأماني ضائِعُ الْخَطَرِ
- هلِ الرّياحُ بنجمِ الأرضِ عاصفة ٌ؟
- أمِ الكسوفُ لغيرِ الشّمسِ والقمرِ؟
- إنْ طالَ في السّجنِ إيداعي فلا عجبٌ!
- قد يودَعُ الجفنَ حدُّ الصّارمِ الذكرِ
- وَإِنْ يُثَبِّتْ أَبا الْحَزْمِ الرِّضا قَدَرٌ
- عَنْ كَشْفِ ضُرِّي فَلا عَتْبٌ عَلى القَدَرِ
- ما للذّنوبِ، التي جاني كبائرِهَا
- غَيْرِي يُحَمِّلُني أَوْزارَها وَزَري
- منْ لمْ أزلْ، من تأنّيهِ، عى ثقة ٍ؛
- وَلَمْ أَزَلْ مِنْ تَجَنِّيه عَلَى حَذَرِ
- ذُو الشِّيمَة ِ الرَّسْلِ إِنْ هِيجَتْ حَفِيظَتُهُ
- وَالجانِبِ السَّهْلِ والْمُسْتَعْتَبِ اليَسَرِ
- من فيه للمجتَلي والمبتَلي، نسقاً،
- جَمالُ مَرأى ً عَلَيْه سَرْوُ مُخْتَبَرِ
- مُذَلِّلٌ لِلْمَساعِي حُكْمُهَا شَطَطٌ
- عَليهِ، وَهْوَ العَزِيزُ النَّفْسِ والنَّفَرِ
- وَزيرُ سِلْمٍ كَفاهُ يُمْنُ طائِرِهِ
- شُؤْمَ الْحُروب، ورأْيٌ مُحْصَدُ المِرَرِ
- أغنَتْ قريحتُهُ مغنَى تجاربِهِ؛
- ونابَتِ اللّمحة ُ العجلى عن الفكرِ
- كمِ اشترَى ، بكرَى عينيهِ، من سهرٍ؛
- هُدوءُ عَيْنِ الْهُدَى في ذَلكَ السَّهَرِ
- في حَضْرَة ٍ غابَ صَرْفُ الدَّهْرِ -خَشْيَتَهُ-
- عنها، ونامَ القَطا فيها، فلم يثُرِ
- مُمَتَّعٍ بالرَّبيعِ الطَّلْق نَازِلُها
- يلهيهِ عن طيبِ آصالٍ ندى بكرِ
- ما إِنْ يَزالُ يَبُثُّ النَّبْتَ في جَلَدٍ
- مذْ ساسَها، ويفيضُ الماءَ من حجرِ
- قَدْ كُنْتُ أَحْسبُنِي وَالنَّجْمَ فِي قَرَنٍ
- ففيمَ أصبحتُ منحطّاً إلى العفرِ؟
- أَحينَ رَفَّ عَلَى الآفاقِ مِنْ أَدَبِي
- غَرْسٌ لَهُ مِنْ جَنَاهُ يَانِعُ الثَّمَرِ
- وَسِيلة ٌ سَبَباً إِنْ لم تكنْ نَسَباً
- فَهْوَ الودادُ صَفَا مِنْ غَيْرِ ما كَدَرِ
- وبائنٍ منْ ثناءٍ، حسنُهُ مثلٌ
- وَشْيُ الْمَحَاسِنِ مِنْهُ مُعْلَمُ الطُّرَرِ
- يُسْتَوْدَعُ الصُّحْفَ لا تَخْفَى نَوافِحُهُ
- إِلاَّ خَفَاءَ نَسِيمِ المِسْكِ في الصُّرَرِ
- مِنْ كُلِّ مُخْتَالَة ٍ بِالحِبْرِ رَافِلَة ٍ
- فِيهِ اخْتِيالَ الكَعابِ الرُّؤْدِ بِالحِبَرِ
- تجفى لها الرّوضَة ُ الغنّاءُ، أضحَكَها
- مَجالُ دَمْعِ النَّدَى في أَعْيُنِ الزَّهَرِ
- يا بهجة َ الدّهرِ حيّاً وهوَ إن فنيَتْ
- حَيَاتُهُ زِينَة ُ الآثارِ وَالسَّيَرِ
- لي في اعتمادِكَ، بالتأميلِ، سابقة ٌ
- وهجرة ٌ في الهوَى ، أوْلى منَ الهجرِ
- ففيمَ غضّتْ همومي من عُلا همَمي،
- وحاصَ بي مطلَبي عن وجهة ِ الظَّفَرِ
- هل من سبيلٍ، فماءُ العتبِ لي أسنٌ،
- إلى العُذُوبَة ِ مِنْ عُتْباكَ والْخَصَرِ
- نذرْتُ شكرَكَ، لا أنسَى الوفاءَ بهِ،
- إنْ اسفرَتْ ليَ عنها أوجُهُ البشرِ
- لا تلْهُ عني، فلمْ أسألْكَ، معتسِفاً،
- ردَّ الصِّبا، بعدَ إيفاءٍ على الكبرِ
- وَاسْتَوْفِرِ الْحَظَّ مِنْ نُصْحٍ وَصاغِيَة ٍ
- كِلاهُما العِلْقُ لَمْ يُوهَبْ وَلَمْ يُعَرِ
- هَبْنِي جَهِلْتُ فَكانَ الْجَهْلُ سَيِّئَة ً
- لا عذرَ منها سوى أنّي من البشرِ
- إِنَّ السِّيادَة َ بِالإِغْضَاءِ لابِسَة ٌ
- بهاءَها، وبَهَاءُ الْحُسْنِ في الْخَفَرِ
- لَكَ الشَّفاعَة ُ لا تُثْنى أَعِنَّتُها
- دُونَ القَبُول بِمَقْبُول مِنَ العُذُرِ
المزيد...
العصور الأدبيه