الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> ليهْنِ الهُدى إنجاحُ سعيكَ في العدا، >>
قصائدابن زيدون
ليهْنِ الهُدى إنجاحُ سعيكَ في العدا،
ابن زيدون
- ليهْنِ الهُدى إنجاحُ سعيكَ في العدا،
- وأنْ راحَ صنعُ اللهِ نحوَكَ، واغتدَى
- ونهْجُكَ سُبل الرّشدِ في قَمعِ من غوَى
- وعدلُكَ في استئصَالِ من جارَ واعتَدى
- وأنْ باتَ مَن والاكَ في نَشوة ِ الغِنى ؛
- وأصبحَ من عاداكَ في غمرة ِ الرّدَى
- وَبُشراكَ دُنيا غَضّة ُ العَهدِ طَلقَة ٌ،
- كما ابتسمَ النُّوارُ عن أدْمُعِ النّدَى
- وَدَوْلَة ُ سَعْدٍ لا انْتِهاءَ لِحَدّهِ،
- إذا قيلَ فيهِ قدْ تناهَى تولّدا
- دَعَوْتَ، فقالَ النّصرُ: لَبّيكَ ماثلاً،
- وَلم تَكُ كالدّاعي يُجاوِبُهُ الصّدى
- وأحْمَدْتَ عُقْبَى الصّبرِ في درَكِ المُنى
- كما بلغَ السّاري الصّباحَ فأحمدا
- أعبّادُ، يا أوفى الملوكِ بذمّة ٍ،
- وأرْعاهُمُ عَهداً وأطولَهُمُ يَدا
- تَبايَنتَ في حالَيكَ: غُرْتَ تَواضُعاً
- لتستوفيَ العليا، وأنجدتَ سودَدا
- ولمّا اعتضدْتَ اللهَ كنتَ مؤهَّلاً
- لدَيه لأن تحمى وتُكفى وتعضَدَا
- وجدْناكَ إنْ ألْقَحتَ سَعياً نَتجته،
- وغَيرُكَ شاوٍ، حِينَ أنْضَجَ رَمَدا
- وكَمْ سَاعَدَ الأعْدَاءُ أوّلَ مُطْمَعٍ
- رَأوْكَ بِعُقْباهُ أحَقَّ وأسْعَدا
- فلا ظافِرٌ إلاّ، إلى سَعدَكَ، اعتَزَى ،
- ولاَ سَائِسٌ إلاّ بِتَدبيرِكَ اقتدَى
- ضلالاً لمفتُونٍ سموْتَ بحالِهِ،
- إلى أنْ بَدتْ، بينَ الفَراقِدِ، فَرْقدا
- رأى حطَّهَا أوْلَى بهِ، فأحلَّهَا
- حَضِيضاً، بكفرَانِ الصّنيعة ِ، أوْهدَا
- وما زادَ، لمّا لجّ في البغْيِ، أنّهُ
- سعَى للّذي أصلحْتَ منها فأفسدَا
- فزلّ وقد أمطيتَهُ ثبجَ السُّهَا؛
- وضلّ وقدْ لقّيتَهُ قبسَ الهدَى
- طوِيلُ عِثارِ الجُرْمِ، قلتَ لهُ: لَعاً
- بحلمٍ، تلقّى جهلَهُ، فتغمّدا
- تجنَّى فأهْدَيْتَ النّصيحة َ محضة ً؛
- وَلَجّ فَوالَيْتَ العِقابَ مُرَدَّدا
- ولمْ تألُهُ، بقيَا عليهِ، تنظُّرَاً
- لفيئة ِ منْ أكرَمْتَهُ، فتمرّدَا
- فما آثرَ الأولى ، ولا قَلّدَ الحِجى ،
- ولا شكرَ النُّعْمَى ، ولا حفظَ اليَدا
- كأنّكَ أهدَيْتَ السّوابِحَ ضُمَّراً
- ليرْكضَها، فيما كَرِهتَ، فيُجْهِدا
- وأجْرَرْتَهُ ذَيلَ الحَبِيرِ تألّفاً،
- ليَخلُقَ، فيما جَرّ، حِقداً مُجدَّدا
- سلِ الحائنَ المعترَّ: كيفَ احتقابُه،
- معَ الدّهرِ، عاراً بالعرارِ مخلَّدَا؟
- رأى أنّه أضْحَى هِزِبْراً مُصَمَّماً،
- فلمْ يَعدُ أنْ أمسى ظَلِيماً مُشَرَّدا
- دَهاهُ، إذا ما جَنّهُ اللّيلُ، أنّهُ
- أقامَ عليهِ، آخرَ الدّهرِ، سرمدَا
- يُحاذِرُ أنْ يُلفَى قَتيلاً مُعَفَّراً،
- إذا الصّبْحُ وافَى ، أوْ أسيراً مقيَّدَا
- لَبِئسَ الوَفَاءُ اسْتَنّ في ابنِ عَقِيدَة ٍ
- عشيّة َ لمْ يصدِرْهُ من حيثُ أوْرَدَا
- قرينٌ لهُ أغواهُ، حتى إذا هوَى ،
- تبرّأ يعتدّ البراءة َ أرْشَدَا
- فأصبحَ يبكيهِ المصابُ بثكلِهِ
- بُكاءً لَبيدٍ حِينَ فارقَ أرْبَدَا
- فداءٌ لإسماعيلَ كلُّ مرشَّحٍ،
- إذا جشّمَ الأمرَ الجسيمَ تبلّدَا
- أفادَ مِنَ الأملاكِ حِدْثانَ فشْلِهمْ
- مَوَاليَ، لم يشكُ الصّدى منهمْ الصّدَى
- أعادَ الصّباحَ الطّلقَ ليلاً عَليهِمُ،
- فجاء وأثنى ناظِرَ الشّمسِ أرْمَدا
- فحلّ هلالاً، في ظلامِ عجاجَة ٍ،
- تلاحظُهُ الأقمارُ، في الأفقِ، حسّدَا
- يُراجِمُ مِنْ صِنهاجة ٍ وَزَناتَة ٍ،
- بمثلِ نجومِ القَذْفِ، مَثنًى ومَوْحَدَا
- همُ الأولياءُ المانحوكَ صفاءهُمْ،
- إذا امتازَ مُصْفى الوُدّ مِمّنْ تَوَدّدا
- لهمْ كلُّ ميمونِ النّقيبة ِ بازلٍ،
- كَفيلٍ بأنْ يستَهزِمَ الجَمعَ مُفردَا
- يسرّكَ، في الهيجا، إذا جرّ لامة ً؛
- ويرضيك، في النّادي، إذا اعتمَ وارْتدى
- كرهتَ، لسيفِ الملكِ، ألفة َ غمده،
- وقلَّ غناءُ السيّيفِ ما كانَ مغمَدَا
- وَلَمْ تَرَ للشّبلِ الإقامَة َ في الشّرى ،
- فجدّ افتراساً حينَ أصحرَ للعدَا
- همامٌ، إذا حاربتَ، فارفَعْ لواءهُ،
- فمَا زالَ منصورَ اللّواء، مؤيَّدَا
- ويأنَفُ منْ لينِ المهادِ، تعوُّضاً
- بصَهْوَة ِ طَيّارٍ، إلى الرّوْعِ أجْرَدَا
- وقدْماً شكَا حملَ التَّمائمِ يافعاً،
- ليحملَ رقراقَ الفرندِ، مهنَّدَا
- ولَمْ نَرَ سَيْفاً، باتِكَ الحَدّ قَبْلَهُ،
- تَناوَل سَيْفاً، دُوَنهُ، فتَقَلّدا
- لئنْ أنجزَتْ منهُ الشّمائلُ آخراً،
- لقد قدّمَتْ منهُ المخايلُ موعِدَا
- قرَرْتَ بهِ عيْناً، فكمْ سادَ عترة ً؛
- وكم ساسَ سُلطاناً، وكم زانَ مشهدا
- وأعطيتُما، فيما تريغانِهِ، الرّضَى ؛
- وبُلّغْتُما، ممّا تُرِيدانِه، المَدَى
المزيد...
العصور الأدبيه