الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> شَحَطنا وَما بالدّارِ نأيٌ وَلا شَحْطُ، >>
قصائدابن زيدون
شَحَطنا وَما بالدّارِ نأيٌ وَلا شَحْطُ،
ابن زيدون
- شَحَطنا وَما بالدّارِ نأيٌ وَلا شَحْطُ،
- وشطّ بمنْ نهوَى المزارُ وما شطّوا
- أأحبابَنا! ألْوَتْ بِحادِثِ عَهْدِنَا
- حوادثُ، لا عقدٌ عليها ولا شرطُ
- لعمركُمُ إنّ الزّمانَ، الذي قضَى
- بِشَتّ جَميعِ الشّملِ منّا، لمُشتَطّ
- وَأمّا الكَرَى مُذْ لم أزُرْكُمْ، فهاجرٌ،
- زِيارَتُه غِبٌّ، وَإلْمَامُه فَرْط
- وما شوقُ مقتولِ الجوانحِ بالصّدى
- إلى نُطْفَة ٍ زَرْقاء، أضْمَرَها وَقْط
- بأبرَحَ مِنْ شَوْقي إليكمْ، وَدونَ ما
- أديرُ المُنى عنهُ القتادة ُ والخرْط
- وفي الرَّبْرَبِ الإنْسيّ أحوَى ، كناسُه
- نواحي ضميرِي لا الكثيبُ ولا السِّقط
- غَرِيبُ فُنونِ الحُسنِ، يَرْتاحُ دِرْعُهُ
- متى ضاقَ ذرْعاً بالذي حازَه المِرْط
- كأنّ فُؤادي، يَوْمَ أهوَى مُوَدِّعاً،
- هوَى خافقاً منه بحيث هوَى القرْط
- إذا ما كتابُ الوَجدِ أشكَلَ سَطْرُهُ،
- فمنْ زفرَتي شكلٌ ومن عبرَتي نقط
- ألا هلْ أتَى الفتيانَ أنّ فتاهُمُ
- فريسة ُ من يعدو، ونهزَة ُ من يسطوْ
- وأنّ الجوادَ الفائتَ الشّأوِ صافنٌ،
- تخوّنَهُ شكلٌ، وأزْرَى به ربْطُ
- وأنّ الحسامَ العضْبَ ثاوٍ بجفْنِهِ،
- ومَا ذمّ منْ غربَيْهِ قدٌّ ولا قطّ
- عَليكَ أبا بَكْرٍ بَكَرْتُ بهِمّة ٍ،
- لها الخطرُ العالي، وإنْ نالَها حطّ
- أبي، بعدَما هيلَ التّرابُ على أبي،
- وَرَهطي فَذّاً، حينَ لم يَبقَ لي رَهْطُ
- لكَ النّعمة ُ الخضراء، تندى ظلالُها
- عليّ، وَلا جَحدٌ لدَيّ، وَلا غَمْطُ
- وَلوْلاكَ لم تثْقُبْ زِنادُ قَرِيحَتي،
- فيَنْتَهِبُ الظّلْماءَ من نارِها سِقْطُ
- ولا ألّفَتْ أيدي الرّبيعِ بدائعي،
- فَمِنْ خَاطِري نَثْرٌ وَمن زَهرِهِ لَقطُ
- هرمْتُ، وما للشّيبِ وخطٌ بمفرَقي،
- وكائنْ لشيبِ الهمّ في كبدي وخطُ
- وطاولَ سوءُ الحالِ نفسي، فأذكرَتْ
- من الرّوْضَة ِ الغَنّاء، طاوَلَها القَحطُ
- مئونَ منَ الأيّامِ خمسٌ قطعْتُها
- أسِيراً، وَإنْ لم يَبدُ شَدٌّ وَلا قَمطُ
- أتتْ بي، كما ميصَ الإناءُ من الأذى ،
- وأذهبَ ما بالثّوبِ منِ درنٍ مسطُ
- أتَدْنُو قُطُوفُ الجَنّتَينِ لمعْشَرٍ،
- وغايتيَ السِّدرُ القليلُ أوِ الخمطُ
- وما كانَ ظنّي أنْ تغرّنيَ المُنى ،
- وَللعِزّ في العَشوَاءِ مِنْ ظَنّهِ خَبْطُ
- أما، وأرتْني النّجمَ موطئَ أخمَصي،
- لقد أوْطَأتْ خَدّي لأخمص من يخطو
- ومُسْتَبطَإِ العُتْبَى ، إذا قلتُ قد أنَى
- رضاه، تمادى العتبُ واتّصلَ السّخط
- ومَا زالَ يدنيني وينئي قبولَه
- هوى ً سرفٌ منه، وصاغية ٌ فرط
- وَنَظْمُ ثَنَاءٍ في نِظَامِ وَلايَة ٍ،
- تَحَلّتْ بِهِ الدّنْيَا، لآلِئهُ وَسْط
- على خصرِها منْه وشاحٌ مفصَّلٌ؛
- وفي رأسها تاجٌ؛ وفي جيدِها سِمط
- عدا سمعَه عني، وأصغى إلى عدى ً
- لهم في أديمي كُلّما استَمكنوا عَطّ
- بَلَغتُ المَدى ، إذ قَصّروا، فقلوبهمْ
- مكامِنُ أضغانٍ أساوِدُهَا رُقط
- يولّونَني عرضَ الكراهة ِ والقِلى ،
- وما دهرُهمْ إلاّ النّفاسة ُ والغمْطُ
- وَقَدْ وَسَمُوني بالّتي لَستُ أهْلَها،
- ولمْ يمنَ أمثالي بأمثالِها قطّ
- فَرَرْتُ، فإنْ قالوا الفِرارُ إرَابَة ٌ،
- فَقَد فَرّ مُوسَى حينَ هَمّ بِه القِبْطُ
- وإنّي لراجٍ أنْ تعودَ، كبدئِها،
- ليَ الشّيمة ُ الزّهراءُ والحلقُ السبطُ
- وَحِلمُ امرِىء تَعفُو الذّنوبُ لَعفوِهِ
- وتُمحَى الخطايا مثلمَا محيَ الخطّ
- فمَا لَكَ لا تَخْتَضّني بِشَفَاعَة ٍ،
- يَلُوحُ عَلى دَهْرِي لمِيسَمِها عَلْطُ
- يفي بنسيمِ العنبرِ الوردِ نفحُها،
- إذا شعشعَ المِسكَ الأحمَّ به خلْطُ
- فإنْ يُسعِفِ المَوْلى فنُعمَى هَنِيئة ٌ،
- تُنَفِّسُ عَنْ نَفْسٍ ألَظّ بها ضَغْطُ
- وإنْ يأبَ إلاّ قبضَ مبسوطِ فضله،
- ففي يدِ مولًى فَوُقَه القَبضُ وَالبَسطُ
المزيد...
العصور الأدبيه