الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> اعجبْ لحالِ السّروِ كيفَ تحالُ؛ >>
قصائدابن زيدون
اعجبْ لحالِ السّروِ كيفَ تحالُ؛
ابن زيدون
- اعجبْ لحالِ السّروِ كيفَ تحالُ؛
- وَلِدَوْلَة ِ العَلْيَاء كَيْفَ تُدَالُ
- لا تَفْسَحَنْ للنّفْسِ في شأوِ المُنى ،
- إنّ اغتراركَ، بالمُنى ، لضلالُ
- ما أمْتعَ الآمالِ، لَوْلاَ أنّهَا
- تعتاقُ، دونَ بلوغِها، الآجالُ
- مَنْ سُرّ، لمّا عاشَ، قَلّ مَتاعُهُ،
- فالعيشُ نومٌ، والسّرورُ خيالُ
- في كلّ يومٍ ننتحَى برزيّة ٍ،
- للأرْضِ، مِنْ بُرَحائِها، زِلزالُ
- إنْ ينكدرْ، بالأمسِ، نجمٌ ثاقبٌ؛
- فاليَوْمَ أقْلَعَ عارِضٌ هَطّالُ
- إنّ النّعيّ لجهورٍ ومحمّدٍ
- أبكى الغَمامَ، فَدَمْعُهِ مُنْثالُ
- شَكْلانِ إنْ حُمّ الحِمَامُ تجاذَبَا؛
- لا غَرْوَ أنْ تَتجاذَبَ الأشكالُ
- ولَّى أبو بكرٍ، فراعَ لهُ الورَى
- هولٌ، تقاصرُ، دونَهُ، الأهوالُ
- قَمَرٌ هَوَى في التُّرْبِ، تُحثى فَوْقَهُ؛
- للهِ ما حازَ الثّرَى المنهالُ
- قدْ قلتُ، إذْ قيلَ السّريرُ يقلّهُ:
- هَلْ للسْرِيرِ بِقَدْرِهِ اسْتِقلالُ؟
- الآنَ بيّنَ، للعقولِ، زوالُهُ،
- أنّ الجبالَ، قصارهنَّ زوالُ
- ما أقبح الدّنيا ! خلافَ مودَّعٍ،
- غنيَتْ بهِ في حسنِها تختالُ
- يا قَبْرهُ العَطِرَ الثرى إلا يَبْعَدَنْ
- حُلْوٌ، من الفِتْيَانِ، فيك حلالُ
- ما أنْتَ إلاّ الجَفْنُ، أصْبحَ طَيَّهُ
- نصلٌ عليهِ، من الشّبابِ، صقالُ
- فَهُناكَ نَفّاحُ الشّمائِلِ، مِثْلَمَا
- طَرَقَتْ بأنْفاسِ الرّياضِ شَمَالُ
- دانٍ مِن الخُلُقِ المُزَيِّنِ، نازِحٌ
- عنْ كلّ ما فيهٍِ عليهِ مقالُ
- شِيَمٌ يُنافِسُ حُسْنَها إحْسانُها،
- كالرّاحِ نافسَ طعمَها الجريالُ
- يا مَنْ شأى الأمثالَ، مِنْهُ واحِدٌ،
- ضُرِبَتْ بهِ في السّودَدِ الأمْثالُ
- نقصتْ حياتُك، حين فضلُك كاملٌ،
- هلاّ استُضيف، إلى الكمالِ، كمالُ !
- وُدّعتَ عَنْ عُمُرٍ، عَمَرْتَ قَصِيرَة
- بمكارمٍ، أعمارُهنّ طوالُ
- منْ للنّديِّ، إذا تنازعَ أهلُهُ،
- فاستَجهلَتْ، حُلْماءَهُ، الجُهّالُ؟
- لوْ كنتَ شاهدَهُمْ لقلّ مراؤهُمْ
- لأغرّ فيهِ، مع الفتاء، جلالُ
- من للعلومِ؟ فقد هوى العلمُ الذي
- وُسِمْتَ بهِ أنْواعُهَا الأغْفالُ
- منْ للقضاءِ يعزّ، في أثنائِهِ،
- إيضاحُ مُظْلِمِة ً، لَها إشْكَالُ؟
- منْ لليتيمِ، تتابعَتْ أرزاؤهُ؟
- هلكَ الأبُ الحاني، وضاعَ المالُ
- أعزِزْ بأنْ ينعاكَ، نعيَ شماتَة ٍ،
- للأوْلياء، المَعشرُ الأقْتالُ
- فُجِعَتْ رحى الإسلامِ منك بقُطْبِها؛
- لَيْتَ الحَسودَ فِداكَ، فهوَ ثِفَالُ
- زُرْنَاكَ لم تأذَنْ، كأنّك غافِلٌ؛
- ما كان مِنكَ لِواجِبٍ إغْفالُ
- أينَ الحفاوة ُ، روضُها غضُّ الجَنى ؛
- أينَ الطّلاقة ُ، بِشرُها سَلْسَالُ
- أيّامَ مَنْ يَعرِضْ عليكَ وِدادَهُ
- يَكُنْ القَبولُ، بَشيرُهُ الإقْبالُ
- مهما نغبّكَ لا نربْكَ، وإنْ نزُرْ
- رفْهاً، فَما لزيارة ٍ إملالُ
- هيهاتَ لا عهدٌ، كعهدِكَ، عائدٌ،
- إذْ أنْتَ في وجهِ الزّمانِ جمالُ!
- فاذهبْ ذهابَ البُرْء أعقبَهُ الضّنى ،
- والأمنِ وافَتْ بَعدَهُ الآجالُ
- لكَ صالِحُ الأعمالِ، إذّ شَيّعتَها
- بالبِرّ، ساعة َ تُعْرَضُ الأعمالُ
- حيّا الحيا مثواكَ، وامتدّتْ على
- ضاحي ثَراكَ، من النّعيمِ، ظِلالُ
- وإذا النّسيمُ اعتلَ، فاعتامَتْ بهِ،
- ساحاتِكَ، الغدواتُ والآصالُ
- ولَئِنْ أذالَكَ، بَعدَ طُولِ صِيانَة ٍ،
- قَدَرٌ، فكُلّ مَصُونِهِ سيُذالِ
- سيحوطُ، منْ خلّفتَهُ، مستبصرٌ
- في حِفظِ ما استَحْفَظتُه، لا يَالُو
- كفلَ الوزيرُ، أبو الوليد، بجبرِهمْ؛
- إنّ الوزيرَ، لِمثْلِها، فَعّالُ
- ملكٌ سجيّتُهُ الوفاءُ، فما لهُ
- بِالعهْدِ، في ذي خُلّة ٍ، إخْلالُ
- حَتَمٌ عليهِ لَعاً لعَشرَة ِ حالِهمْ،
- قَدْ تَعثُرُ الحالاتُ، ثمّ تُقالُ
- إيهاً، نبي ذكوانَ، إنْ غَلَبَ الأسى ،
- فَلَكُمْ، إلى الصّبرِ الجَميلِ، مآلُ
- إنْ كانَ غابَ البَدرُ عَنْ ساهُورِه
- منْكُمْ، وفارَقَ غابَهُ الرّئبالُ
المزيد...
العصور الأدبيه