الأدب العربى >> الشعر >> العصر الأندلسى >> ابن زيدون >> أعرفُكِ راحَ في عرفِ الرّياحِ؟ >>
قصائدابن زيدون
أعرفُكِ راحَ في عرفِ الرّياحِ؟
ابن زيدون
- أعرفُكِ راحَ في عرفِ الرّياحِ؟
- فهزّ، منَ الهوى ، عطفَ ارتياحي
- وذكرُكِ ما تعرّضَ أمْ عذابٌ؟
- غصصتُ عليهِ بالعذبِ القراحِ
- وهَلْ أنا مِنْكَ في نَشَواتِ شوْقٍ،
- هفَتْ بالعَقْلِ، أو نشَواتِ راحِ؟
- لعمرُ هواكِ! ما وريَتْ زنادٌ،
- لوَصْلٍ مِنكِ، طالَ لها اقتداحي
- وكمْ أسقمْتِ، منْ قلبٍ صحيحٍ،
- بِسُقمِ جُفُونِكِ المَرْضَى الصّحاحِ
- متَى أخْفِ الغَرامَ يَصِفْهُ جِسمي
- بألسنة ِ الضّنى الخرسِ، الفصاحِ
- فَلَوْ أنّ الثّيابَ فُحِصْنَ عَنّي
- خَفِيتُ خَفاءَ خَصْرِكِ في الوِشاحِ
- للقِّينَا من الواشين، حتى
- رضينَا الرُّسلَ أنفاسَ الرّياحِ
- وربّ ظلامِ ليلٍ جنّ فوقي،
- فَنُبْتِ، عَنِ الصّباحِ، إلى الصّباحِ
- فَهلْ عَدَتِ العَفافَ هُنَاكَ نَفسي،
- فديتُكِ، أو جنحتُ إلى الجناحِ؟
- وكيفَ ألِجّ، لا يثْني عناني
- رَشَادُ العَزْمِ عَنْ غَيّ الجِماحِ؟
- ومنْ سرِّ ابنِ عبّادٍ دليلٌ،
- بهِ بَانَ الفَسادُ مِنَ الصّلاحِ
- هوَ الملكُ، الذي برّتْ، فسرّتْ
- خِلالٌ مِنْهُ طاهِرَة ُ النّواحي
- همامٌ خطّن بالهمَمِ السّوامي،
- مِنَ العَلْياء في الخِططِ الفِسَاحِ
- أغرُّ، إذا تجهَّمَ وجهُ دهرٍ،
- تَبَلّجَ فِيهِ كالقَمَرِ اللِّيَاحِ
- سَميعُ النّصْرِ لاسْتِعْداء جَارٍ؛
- أصمُّ الجودِ عنْ تفنيدِ لاحِ
- ضرائبُ جهمة ٌ، في العتبِ تتْلى
- بأخلاقٍ، لدَى العتبَى ، ملاحِ
- إذا أرِجَ الثّناءُ الرَّوْعُ مِنْهَا،
- فكمْ للمسكِ عنهُ منِ افتضاحِ
- هوَ المبقي ملوكَ الأرضِ تدْمَى
- قلوبُهُمُ، كأفواهِ الجراحِ
- رآهُ اللهُ أجودَ بالعطايا؛
- وأطعنَ بالمكايدِ والرّماحِ
- وَأفْرَسَ للمَنَابِرِ وَالمَذَاكِي؛
- وأبْهَى في البُرُودِ وفي السّلاحِ
- وأمنعَهُمْ حمى عرضٍ مصونٍ؛
- وَأوْسَعَهُمْ ذُرَا مَالٍ مُباحٍ
- فَراضَ لهُ الوَرى ، حتى تأدّتْ
- إليهِ إتاوة ُ الحيّ اللَّقاحِ
- لِمُعْتَضِدٍ بهِ أرْضاهُ سَعْياً،
- فأقبلَ وجهَهُ وجهَ الفلاحِ
- فَمَنْ قَاسَ المُلُوكَ إلَيهِ جَهْلاً،
- كمنْ قاسَ النّجومَ إلى براحِ
- وَمُعْتَقِدُ الرّياسَة ِ في سِوَاهُ،
- كمعتقدِ النّبوّة ِ في سجاحِ
- أبحرَ الجودِ، في يومِ العطايا،
- وليثَ البأسِ، في يومِ الكفاحِ
- لقَدْ سَفَرتْ، بعِلّتِك، اللّيالي
- لَنَا عَنْ وَجْهِ حادِثَة ٍ وَقَاحِ
- ألَسْتَ مُصِحّهَا مِنْ كُلّ داءٍ
- وَمُبدِيَ حُسْنِ أوجُهِها الصِّباحِ؟
- ولو كشَفتْ عنِ الصّفحاتِ، شامتْ
- بروقَ الموتِ منْ بيضِ الصِّفَاحِ
- وقاكَ اللهُ ما تخشَىن ووَالى
- عليكَ بصنعِهِ المغْدَى المراحِ
- فَلَوْ أنّ السّعادَة َ سوّغَتْنَا
- تجارَتَها، الملثّة َ بالرَّباحِ
- تجافَيْنَا عبيدَكَ عنْ نفوسٍ،
- عَليكَ منَ الضّنى ، حَرّى شِحاحِ
- تُهَنّأُ فِيكَ بِالبُرْء المُوَفّى ؛
- وتبهجُ منكَ بالألمِ المزاحِ
- فدَيْتُكَ كمْ لعيني منْ سموٍّ،
- لَدَيْكَ، وكَمْ لنَفسِي من طَماحِ
- ألا هلْ جاء، منْ فارَقْتُ، أنّي
- بساحاتِ المُنى رفلُ المراحِ؟
- وأنّي، منْ ظلالِكَ، في زمانٍ
- ندي الآصالِ، رقراقِ الضّواحي
- تحيّيني بريحانِ التّحفّي؛
- وَتُصْبِحُني مُعَتَّقَهِ السّمَاحِ
- فهَا أنَا قدْ ثملْتُ منَ الأيادي،
- إذا اتّصلَ اغْتِبَاقي في اصْطِباحي
- فإنْ أعجزْ، فإنّ النُّصحَ ثقفٌ،
- وإنْ أشكرْ، فإنّ الشّكْرَ صاحِ
- لمَا أكسَبتَ قدرِي منْ سناءٍ؛
- وَما لَقيْتَ سَعْيي مِنْ نَجَاحِ
- لقدْ أنفذْتَ، في الآمالِ، حكمي؛
- وَأجْرَيْتَ الزّمانَ علَى اقْتِراحي
- وهلْ أخشَى وقوعاً، دونَ حظٍّ،
- إذا ما أثَّ رِيشُكَ مِنْ جَنَاحي؟
- فما استسقيْتُ منْ غيمٍ جهامٍ؛
- ولا استورَيْتُ من زندٍ شحاحِ
- وَواصَلَني جَمِيلُكَ، في مَغِيبي،
- وَطالَعَني نَدَاكَ مَعَ انْتِزاحي
- ولمْ أنفكّ، إذْ عدَتِ العوادي،
- إليكَ رهينَ شوقٍ والتياحِ
- فحسبي أنتَ، منْ مسدٍ لنعمَى ؛
- وَحَسْبُكَ بي بِشُكْرٍ وَامْتِداحِ
المزيد...
العصور الأدبيه